س/ قبل تطور علم الأقتصاد الكلي مالت البلاد بأن تنجرف في قرارات اقتصادية متقلب بدون أن يكون لديها القدرة على التحكم في مجريات الأمور والوضع يختلف اليوم – تناول ذلك بالتحليل؟
طبيعة الاقتصاد الكلي:
الاقتصاد الكلي هو دراسة سلوك النشاط الاقتصادي ككل في المجتمع. ويركز الاقتصاد الكلي على دراسة سلوك المتغيرات الاقتصادية الكلية.
مثل/ الاستهلاك الكلي، والاستثمار الكلي، وكذلك الصادرات الكلية.
كما يركز الاقتصاد الكلي على دراسة إجمالي الناتج من السلع والخدمات ومعدلات نموه، ومستوى التوظف من قوة العمل في الاقتصاد ومعدلات نموه وكذلك مستوى أسعار السلع والخدمات، أو ما يسمى بالرقم القياسي للأسعار ومعدلات تغيره.
فأداء أو سلوك هذه المتغيرات الكلية ينتج عادة عن الأنشطة التي تتم في العديد من الأسواق. وعن القرارات التي تتخذها العديد من الوحدات الاقتصادية في المجتمع هي: قطاع المستهلكين – قطاع المنشأت المنتجة – القطاع الحكومي.
وفي المقابل نجد ان الاقتصاد الجزئي يهتم بدراسة الوحدات الاقتصادية منفردة، وكميات الإنتاج والأسعار لكل سلعة أو خدمة منفردة.
الاقتصاد الجزئي يركز على دراسة سلوك المستهلك الفرد لسلعة معينة، أو لعدد من السلع، ودراسة سلوك المنتج الفرد، وكذلك دراسة كيفية تحديد الأسعار والكميات في الأسواق المختلفة لكل سلعة أو خدمة بمفردها.
بعض المفاهيم الاقتصادية الكلية الأساسية
يهتم الاقتصاد الكلي بدراسة العديد من المفاهيم الاقتصادية الكلية، وهي في مجموعتين كالتالي:
1- دراسة أسباب واتجاه الزيادة في مستوى الناتج الكلي في المجتمع، وفي معدل نموه في الأجل الطويل، وهو ما يعرف بالنمو الاقتصادي Economic Growth.
2- دراسة حجم وأسباب التقلبات في مستوى الناتج الكلي، وفي مستوى العمالة، وكذلك في المستوى العام للأسعار في الأجل القصير، وهو ما يعرف بالدورات التجارية Business Cycles
وتهدف سياسات الاقتصاد الكلي، أو ما يعرف بالسياسات الحكومية الكلية، والتي تتمثل في السياسات النقدية والسياسات المالية، إلى تحقيق زيادة مستمرة في مستوى الناتج الكلي وفي معدل نموه وبمعدلات مرتفعة في الأجل الطويل، والحفاظ على معدلات مستقرة في المستوى العام للأسعار. كما تهدف إلى تحقيق مستويات مرتفعة من التوظف، وتخفيض معدل البطالة في المجتمع.
الغايات والوسائل في الاقتصاد الكلي:
عند تقييم اداء دولة فهناك بعض متغيرات معينة ومن حيث الاهمية مثل إجمالي الناتج القومي (أ ن ق) ، التوظف ، التضخم، صافي الصادرات.
وهذه هي المقاييس الرئيسية التي نستطيع عن طريقها أن نحكم على مستوى الاقتصاد ككل.
ومع تطور الاقتصاد الكلي الحديث، فقد زادت المعرفة عن كيف تؤثر السياسات العامة على الاقتصادي القومي.
أننا الآن نفهم بشكل أفضل وسائل أو أدوات السياسة الماكرو اقتصادي ولماذ تؤثر التغيرات في عرض النقود أو الضرائب والانفاق الحكومي على اقتصادنا.
الأهداف الأساسية للاقتصاد الكلي:
يوجد اربعة اهداف تعتبر أساسية لتقييم الأداء الماكرو اقتصادي.
1- الناتج الكلي:
إن الهدف الأساسي للنشاط الاقتصادي في أي مجتمع من المجتمعات هو إنتاج السلع والخدمات التي تشبع رغبات الأفراد وتحقق لهم مستوى مرتفع نسبيا من المعيشة.
الناتج القومي الإجمالي هو قيمة السلع والخدمات النهائية التي ينتجها المجتمع خلال كل فترة زمنية معينة(عام).
وبالنسبة للاقتصاد ككل فإن قيمة الناتج القومي الإجمالي تمثل قيمة دخول كل عناصر الإنتاج التي ساهمت في تحقيق هذا الناتج.
فقيمة الناتج الكلي من سلعة معينة تمثل دخول للعمال الذين ساهموا في تحقيق هذه الناتج، كما تمثل المدفوعات للمدخلات التي تم استخدامها في عمليات الإنتاج، وكذلك عوائد عنصري الأرض ورأس المال اللذان استخدما في عمليات الإنتاج.
فإن قيمة الناتج القومي الإجمالي تتساوى مع قيمة الدخل القومي في المجتمع خلال كل فترة زمنية معينة (عام).
وإجمالي الناتج القومي يمكن أن يقاس بالأسعار السوقية الجارية أو الفعلية، ويسمى بإجمالي الناتج القومي الإسمي.
أو يمكننا أن نقيس إجمالي الناتج القومي بمجموعة ثابتة من الأسعار في سنة معينة، ويسمى بإجمالي الناتج القومي الحقيقي.
التغيرات في إجمالي الناتج القومي الحقيقي هي أفضل المقاييس المتاحة لقياس مستوى الناتج ونموه، إنها كمقياس لنبض اقتصاد الدولة.
وإذا تم استخدام الموارد المتاحة في المجتمع استخداما كاملا فإن الناتج القومي يزداد ويصل إلى ما يسمى بالناتج المحتمل وبالتالي لا يوجد أي فاقد اقتصادي في المجتمع ويقاس بما يسمى بفجوة الناتج هي:
فجوة الناتج = الناتج القومي المحتمل - الناتج القومي الفعلي
اذا كانت فجوة الناتج صفر فإن هذا يعني أن الاقتصاد في حالة توظف كامل الذي يسمح بحد أدنى من البطالة وهذا يدل على ارتفاع مستوى الأداء الاقتصادي.
واذا كانت فجوةالناتج موجبة فهذا يعني وجود موارد عاطلة ويدل هذا على ضعف مستوى الأداء الاقتصادي.
تناقص مستوى الناتج الكلي هو تناقص الطلب على العمل وبالتالي زيادة معدل البطالة وانخفاض مستوى العام للأسعار (الركود الأقتصادي).
زيادة مستمرة في مستوى الناتج الكلي وفي مستوى العمالة وبالتالي يقل معدل البطالة ويتجه المستوى العام للأسعار إلى الارتفاع ( التضخم).
وفي الثمانينات من ذلك القرن تعرضت العديد من الدول المتقدمة وبعض الدول النامية إلى حالة من التضخم وقد صاحبها حالة من الركود الاقتصادي، وهو ما يعرف بالكساد التضخمي. وقد استمر لفترة طويلة من الزمن لأن الحكومات والبنوك المركزية لم يكن لديهم معرفة ماكرو اقتصادية كافية ليجربوا سياسات اقتصادية توسعية في فترات أخرى، مثل تلك من 1980 – 1983 في الولايات المتحدة، صانعوا السياسة تعمدوا زيادة البطالة وفجوات اجمالي الناتج القومي لكي يخفضوا معدل التضخم (أو الزيادة في الأسعار).
2- التوظف الكامل:
وهو تحقيق مستوى مرتفع من التوظف والذي يستلزم أيضا مستوى منخفض للبطالة. يعني القدرة على ايجاد السلع وايجاد وظائف مجزية الاجر بسهوله.
القوة العاملة هي عدد الأفراد البالغين الذين هم في سن العمل ( 12 – 60 سنة في مصر) (16 – 60 سنة في الولايات المتحدة) وقادرين على العمل ويبحثون بجدية عنه ويجدون عمل.
البطالة وهي عدد الأفراد البالغين الذين هم في سن العمل، وقادرين على العمل، ويبحثون بجدية عنه ولكنهم لا يجدون عمل.
اذا معدل البطالة = عدد أفراد العاطلين × 100
عدد الأفراد في قوة للعمل
معدل البطالة هو احد المقاييس الرئيسية لأداء اقتصاد ما السياسة الماكرو اقتصادية لكل بلد تركز على إبقاء هذا المعدل منخفضا معظم الوقت بقدر الإمكان.
وقد وصلت البطالة في الثلاثينات في الكساد العظيم الى 25% من القوة العاملة في سنة 1933، اي أن ربع القوة العاملة كان عاطلا ولمدة تقرب من عشر سنوات في كافة البلاد الغربية تقريبا.
وفي الفترة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، انخفضت البطالة كثيرا في معظم الدول الغربية، ولم يزد معدل البطالة عن 5% في المتوسط من القوة العاملة.
ولكن لسوء الحظ في السنوات الاخيرة لوحظ ارتفاع في معدل البطالة في معظم دول العالم ففي الولايات المتحدة ارتفع تدريجيا معدل البطالة في اواخر الستينات إلى 1982 إلى 9.7%
3- أستقرار الأسعار:
وهو ضمان أسعار مستقرة مع أسواق حرة وبذلك ينقسم هذا الهدف الى قسمين:
الأول: ان الاسعار لا ترتفع او تنخفض بسرعة لأن الاسعار هي المقياس الاقتصادي واذ تغير بسرعة خلال فترات التغيرات السريعة في الأسعار فأن العقود والاتفاقات الاقتصادية الأخرى تصبح مشوهة.
الثاني: المحافظة على اسواق حرة يعني أن الأسعار والكميات يحب أن تتحدد بواسطة قوى السوق، بواسطة العرض والطلب، بأقصى حد ممكن.
ان هدف استقرار الأسعار مع أسواق حرة يتبع اليوم في معظم الدول لأعتقاد افراد كثيرين أن الاسعار المستقرة المحددة بواسطة الأسواق الحرة تسمح للاقتصاد بأن يخصص الموارد بكفاءة وبطريقة تستجيب لأذواق الأفراد.
أكثر الطرق الشائعة لقياس المستوى العام للأسعار هو الرقم القياسي لأسعار المستهلكين consumer price index المعروف (CPI) وهو يقيس تكلفة مجموعة ثابتة من السلع ( مثل الغذاء، المسكن، الملبس، الرعاية الطبية) مشتراه بواسطة المستهلك العادي من سكان الحضر.
ومعدل التضخم يقاس بالتغير (زيادة أو نقص) في الرقم القياسي لأسعار المستهلكين من سنة لأخرى.
معدل التضخم = CPI في السنة الحالية – CPI في السنة السابقة × 100
CPI في السنة السابقة
اذاكان معدل التضخم موجبا، فإن هذا يدل على حدوث ارتفاع في الأسعار، كما حدث في ألمانيا في العشرينات أو في بوليقيا في الثمانينات .
وعندما يكون سالبا، فهذا يدل على حدوث انخفاض في الاسعار. وهذا يكون لدينا انكماش.
يحدث احيانا في الدول الشيوعية وأثناء الحرب في الدول الرأسمالية على الاسعار واقتصاديات السوق.
انه هدف مراوغ وانه من غير مرغوب فيه فرض مجموعة من الأسعار تكون جامدة بشكل مطلق.
4- التوازن الخارجي:
وهو تحقيق التوازن في المعاملات الخارجية للاقتصاد القومي ويتحقق ذلك عندما تتعادل مجموعة التزامات الاقتصاد القومي تجاه العالم الخارجي مع حقوقه تجاه هذا العالم الخارجي خلال فترة زمنية معينة وهذا في ميزان المدفوعات ( الذي يسجل فيه كل المتحصلات وكل المدفوعات مع العالم الخارجي).
اذا ظهر عجز في ميزان المدفوعات فإن هذا يعني أن المدفوعات تفوق المتحصلات من العالم الخارجي، ويتم تسديد هذا العجز إما عن طريق السحب من احتياطي الذهب أو العملات الاجنبية لدى الدولة، ومن ثم نقص احتياطياتها، أو عن طريق زيادة التزاماتها تجاه العالم الخارجي من خلال الاقتراض، ومن ثم ، تظهر الديون الخارجية وهو ما يلقي بالتزامات وأعباء إضافية على الاقتصاد القومي تؤدي إلى مزيد من التزاماتها في السنوات التالية.
ومن ثم تدخل الدولة في دوامة من عدم القدرة على تحقيق هدف التوازن الخارجي، خاصة إذا ما تفاقمت هذه الديون، ومن ثم، زيادة التزاماتها وأعبائها.
ويترتب على ذلك تدهور قي قيمة العملة الوطنية تجاه العملات الأجنبية بأستمرار.
اذا في حالة العجز فلابد من تدخل الحكومة واتخاذ بعض السياسات لمواجهته، منها تلك السياسات التي تهدف إلى زيادة الصادرات والحد من الواردات، ومن ثم زيادة متحصلات الدولة والحد من مدفوعاتها الخارجية بكافة الوسائل.
ومن ثم، تقليل هذا العجز أو التخلص منه كليا. وذلك لأن استقرار قيمة العملة الوطنية مرتبط بهذا التوازن في ميزان المدفوعات.
وفي ختام نلخص اهداف السياسة الماكروا اقتصادية كما يلي:
1- مستوى مرتفع ومتزايد للناتج الحقيقي.
2- مستوى مرتفع للتوظف ومستوى منخفض للبطالة، تقديم وظائف مناسبة بأجر مجز لأولئك الذين يريدون أن يعملوا.
3- مستوى أسعار مستقر أو يرتفع بلطف، مع كون الأسعار والأجور تتحدد بواسطة أسواق حرة.
4- علاقات اقتصادية خارجية تتميز بسعر صرف أجنبي مستقر وصادرات تكون متوازنة أكثر أو أقل مع الواردات.
إن دولا قليلة هي التي نجحت في تحقيق هذه الأهداف، ولكن معظم الدول المتقدمة تبحث بأستمرار عن وسائل تحقيقها بالكامل.
السياسات الاقتصادية الكلية:
أثبتت أزمة الكساد العالمي العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي، فضلا عن النظرية الكينزية والنظريات اللاحقة لها، أن الحاجة إلى السياسات الاقتصادية الكلية أصبحت ضرورة مسلم بها.
أنه لا يوجد أي اقتصاد في وقتتنا الحاضر يستطيع تحقيق الأهداف الاقتصادية للمجتمع تلقائيا بالمستوى المطلوب والمرغوب فيه بدون وجود سياسات اقتصادية كلية تساعد على ذلك.
كما أن الحاجة إلى السياسات الاقتصادية الكلية تزداد بدرجة أكبر ونحن في بداية الألفية الثالثة، حتى تستوعب هذه السياسات الاقتصادية التحولات والتحديات الاقتصادية التي تواجه الدول وهي في سعيها لتحقيق التنمية الاقتصادية.
فالتحول نحو آليات السوق من خلال برامج الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي، فضلا عن الخصخصة والاتجاه نحو اقتصاديات السوق الحر.
وتعرف السياسة الاقتصادية الكلية: بأنها مجموعة القواعد والأدوات والإجراءات والوسائل التي تضعها الحكومة وتحكم قراراتها في سبيل تحقيق هدف أو مجموعة من أهداف الاقتصاد القومي خلال فترة زمنية معينة.
وقد يتم سياسة واحدة أو أكثر من سياسة بهدف التأثير في متغير أو عدد من المتغيرات الاقتصادية على المستوى القومي.
أهم المشاكل الاقتصادية الكلية التي يمكن أن يعاني منها أي مجتمع، وتستخدم السياسات الاقتصادية الكلية في علاجها، تتمثل فيما يلي:
- مشكلة البطالة بأنواعها المختلفة.
- مشكلة التضخم وعدم الاستقرار في الأسعار.
- تدني معدلات النمو الاقتصادي.
- تزايد عجز ميزان المدفوعات وتدهور قيمة العملة الوطنية.
- تزايد عجز الموازنة العامة للدولة.
- مشكلة الديون الخارجية وتزايد التزاماتها.
- اختلال توزيع الدخل القومي.
- اختلال هيكل الدخل القومي.
- سوء تخصيص الموارد الاقتصادية المتاحة بالمجتمع.
أهم السياسات الاقتصادية الكلية فيما يلي:
أولا: السياسة المالية (Fiscal Policy ):
وتتمثل أدوات السياسة المالية في الإنقاق الحكومي والضرائب وتغيير أي منهما يؤثر في مستوى الطلب الكلي في المجتمع، وبالتالي، يؤثر في مستوى النشاط الاقتصادي.
الانفاق الحكومي هو يعني الانفاق الحكومي على السلع والخدمات مثل شراء المعدات الحربية (الدبابات – الطائرات) والانفاق على المرافق والخدمات العامة (الطرق – بناء السدود) ومرتبات القضاة، وضباط الجيش، وما إلى ذلك.
ويحدد الإنفاق الحكومي الوزن النسبي لكل من القطاع العام والقطاع الخاص في الدولة، ومن خلال تغيير الإنفاق الحكومي يتم التأثير في مستوى الطلب الكلي، وبالتالي في مستوى الناتج القومي ومستوى التوظف والمستوى العام للأسعار.
الضرائب وتتضمن كلا من الضرائب المباشرة وهي التي تفرض على دخول الأفراد. والضرائب الغير مباشرة وهي التي تفرض على السلع والخدمات.
وقد يؤثرتغيير الضرائب في الطلب الكلي بصورة غير مباشرة من خلال التأثير في مستوى الاستهلاك والاستثمار اللذان يمثلان مكونين رئيسيين من مكونات الطلب الكلي، وبالتالي، يؤثر هذا في مستوى الناتج القومي ومستوى التوظف والمستوى العام للأسعار.
وفي ظل ظروف الركود أو الكساد تركز أهداف السياسات الاقتصادية الكلية على الارتفاع بمستوى الناتج القومي ومعدل النمو فيه، فضلا عن الارتفاع بمستوى التوظف. ولذا، يتم اتباع سياسة مالية توسعية من خلال زيادة الإنفاق الحكومي و/أو تخفيض الضرائب، مما يؤدي إلى زيادة الطلب الكلي، وبالتالي يزداد كل من مستوى التوظف ومستوى الناتج القومي، ويرتفع معدل النمو الاقتصادي.
ويحدث العكس في ظل ظروف التضخم، حيث يتم اتباع سياسة مالية انكماشية من خلال تخفيض الإنفاق الحكومي و/أو زيادة الضرائب، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب الكلي، ويحد هذا من معدلات التضخم.
ثانيا: السياسة النقدية (Monetary Policy ):
وتتمثل أدوات السياسة النقدية في تغيير العرض النقدي في المجتمع، والائتمان المصرفي، ويؤثر هذا في مستويات أسعار الفائدة، وفي مستوى الاستثمار، ومن ثم في الطلب الكلي وبالتالي يؤثر في مستوى النشاط الاقتصادي.
ويقوم على هذه السياسة ويتولى إدارتها البنك المركزي، حيث يتحكم في العرض النقدي في المجتمع من خلال التأثير في عديد من المتغيرات التي تحكم قدرة البنوك على منح الائتمان، فضلا عن التحكم في الإصدار النقدي الجديد.
ويؤثر هذا في أسعار الفائدة، ومن ثم، في حجم الاستثمار الذي يمثل مكونا من مكونات الطلب الكلي.
وفي ظل ظروف الركود أو الكساد الاقتصادي يتبع البنك المركزي سياسة نقدية توسعية ويزيد من العرض النقدي في المجتمع، ويترتب على ذلك الأمر انخفاض في أسعار الفائدة، ومن ثم، يزداد الاستثمار، وبالتالي، يزداد مستوى الطلب الكلي، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة مستوى الناتج القومي ومستوى التوظف، فضلا عن ارتفاع معدل النمو الاقتصادي.
بينما في ظل ظروف التضخم فإن البنك المركزي يتبع سياسة نقدية انكماشية تهدف الى تخفيض العرض النقدي بالمجتمع، ومن ثم، ارتفاع اسعار الفائدة وبالتالي، ينخفض مستوى الاستثمار وبدوره مستوى الطلب الكلي، وهذا يحد في النهاية من الارتفاع في المستوى العام للأسعار.
ثالثا: السياسات الأقتصادية الخارجية أو الدولية
(International Economic Policy):
وقد تحكم هذه السياسات علاقات الدولة مع العالم الخارجي وتنقسم إلى مجموعتين من السياسات:
1- السياسة التجارية (Trade Policy):
وادوات السياسة التجارية هي التعريفة الجمركية ونظام الحصص، وإعانات الصادرات وغيرها من الأدوات التي تهدف إلى التأثير في الواردات والصادرات، ويؤثر هذا بدوره في مستوى الطلب الكلي، وبالتالي يؤثر في مستوى النشاط الاقتصادي.
فإذا كانت الدولة تواجه عجزا في الميزان التجاري، فإنها تتبع هذه السياسات من خلال فرض و/أو رفع التعريفة الجمركية على الواردات و/أو فرض قيود كمية على الواردات – مثل حصص الواردات – فضلا عن تقديم دعم وإعانات للصادرات بهدف زيادة قدرتها التنافسية في الأسواق الخارجية، وكل ذلك بهدف إلى زيادة الصادرات والحد من الواردات، وبالتالي تقليل أو التخلص من عجز الميزان التجاري.
غير ان اثر هذه السياسات لا يتوقف عند هذا الحد فقط بل يؤدي إلى رفع مستوى الطلب الكلي بالمجتمع، وبالتالي زيادة مستوى الناتج القومي ومستوى التوظف، وكذلك رفع معدل النمو الاقتصادي بالمجتمع.
2- سياسة الصرف الأجنبي (Foreign Exchange Policy):
وتتمثل أدوات هذه السياسة في تغير سعر الصرف والخاص بتحديد قيمة العملة الوطنية بالنسبة للعملات الأجنبية، ويؤثر هذا على التجارة الخارجية للدولة، أي على الصادرات والواردات، ويؤثر هذا بدورة في مستوى الطلب الكلي، وبالتالي، يؤثر في النهاية في مستوى النشاط الاقتصادي.
وتتبع الدول نظما مختلفة في تنظيم وإدارة أسواق الصرف الأجنبي فيها،
حيث تتبع بعض الدول نظام سعر الصرف الحر الذي يتحدد وفقا لتفاعل قوى العرض والطلب. بينما تتبع دول أخرى نظام سعر الصرف الرسمي الثابت، وتهدف هذه السياسة عادة إلى تحقيق الاستقرار في سعر صرف عملتها بالنسبة للعملات الأخرى في المدى الطويل.
وبعض الدول مثل الولايات المتحدة تتبع نظاما وسطا بين هذين الحدين حيث تسمح لأسعار الصرف بأن تتحرك مع السوق ولكن أحيانا تتدخل لدفع سعر صرف الدولار إلى أعلى أو إلى أسفل.
وعندما تواجه الدولة بعجز في الميزان التجاري، فإنها قد تلجأ إلى خفض سعر عملتها بالنسبة للعملات الأخرى، مما يؤدي إلى أن تصبح صادرتها أرخص نسبيا، وواردتها أغلى نسبيا، ويترتب على ذلك زيادة الصادرات والحد من الواردات وبذلك تقلل او تتخلص من عجز الميزان التجاري.
ويلاحظ ان رجال البنوك المركزية والقادة السياسيين يجتمعون بأستمرار لتنسيق سياساتهم الماكرو اقتصادية، لأن السياسات النقدية والمالية للبلاد المختلفة تتسرب لتؤثر على جيرانها.
إنه من المعتاد القول بأنه" عندما تعطس أمريكا، تصاب أوربا بالبرد".
ومنذ 1975 أصبح رؤساء حكومات البلاد الصناعية الرئيسية يجتمعون كل سنة في اجتماعات قمة اقتصادية لمناقشة المسائل الاقتصادية المشتركة ولأتخاذ إجراءات مناسبة لتحقيق أهداف مشتركة متفق عليها.
رابعا: سياسة الدخول (Income Policy ):
تتمثل أدوات هذه السياسة في التأثير بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة على كل من الدخول والأسعار، بهدف تحقيق الاستقرار في الأسعار والحد من التضخم الشديد. ويطلق على هذه السياسات بشكل أكثر تحديدا سياسات الأجور والأسعار (wages & price policies).
ويتم علاج التضخم الشديد وفقا للفكر التقليدي من خلال أتباع سياسات مالية ونقدية انكماشية، غير أن هذا الأمر يترتب عليه في الوقت نفسه خفض كل من مستوى الناتج ومستوى التوظف، وهذا يسهم بدورة في الارتفاع بمعدل البطالة في المجتمع. وهذا الأمر تكون تكلفته عالية جدا على المجتمع.
وقد تتطلب ذلك من الحكومات أن تبحث عن وسائل وأدوات بديلة ذات تكلفة أقل لمواجهة التضخم المتزايد. وقد تراوحت هذه الأدوات ما بين التحكم كلية في الأجور و/أو في الأسعار إلى استخدام مؤشرات اختيارية تحد من الزيادة في كل من الأجور والأسعار.
وتعد هذه السياسات بمثابة تدخل مباشر في قوى السوق للحد من التضخم، ولذا يثار بشأنها جدل كبير فيما بين الاقتصاديين.
طبيعة الاقتصاد الكلي:
الاقتصاد الكلي هو دراسة سلوك النشاط الاقتصادي ككل في المجتمع. ويركز الاقتصاد الكلي على دراسة سلوك المتغيرات الاقتصادية الكلية.
مثل/ الاستهلاك الكلي، والاستثمار الكلي، وكذلك الصادرات الكلية.
كما يركز الاقتصاد الكلي على دراسة إجمالي الناتج من السلع والخدمات ومعدلات نموه، ومستوى التوظف من قوة العمل في الاقتصاد ومعدلات نموه وكذلك مستوى أسعار السلع والخدمات، أو ما يسمى بالرقم القياسي للأسعار ومعدلات تغيره.
فأداء أو سلوك هذه المتغيرات الكلية ينتج عادة عن الأنشطة التي تتم في العديد من الأسواق. وعن القرارات التي تتخذها العديد من الوحدات الاقتصادية في المجتمع هي: قطاع المستهلكين – قطاع المنشأت المنتجة – القطاع الحكومي.
وفي المقابل نجد ان الاقتصاد الجزئي يهتم بدراسة الوحدات الاقتصادية منفردة، وكميات الإنتاج والأسعار لكل سلعة أو خدمة منفردة.
الاقتصاد الجزئي يركز على دراسة سلوك المستهلك الفرد لسلعة معينة، أو لعدد من السلع، ودراسة سلوك المنتج الفرد، وكذلك دراسة كيفية تحديد الأسعار والكميات في الأسواق المختلفة لكل سلعة أو خدمة بمفردها.
بعض المفاهيم الاقتصادية الكلية الأساسية
يهتم الاقتصاد الكلي بدراسة العديد من المفاهيم الاقتصادية الكلية، وهي في مجموعتين كالتالي:
1- دراسة أسباب واتجاه الزيادة في مستوى الناتج الكلي في المجتمع، وفي معدل نموه في الأجل الطويل، وهو ما يعرف بالنمو الاقتصادي Economic Growth.
2- دراسة حجم وأسباب التقلبات في مستوى الناتج الكلي، وفي مستوى العمالة، وكذلك في المستوى العام للأسعار في الأجل القصير، وهو ما يعرف بالدورات التجارية Business Cycles
وتهدف سياسات الاقتصاد الكلي، أو ما يعرف بالسياسات الحكومية الكلية، والتي تتمثل في السياسات النقدية والسياسات المالية، إلى تحقيق زيادة مستمرة في مستوى الناتج الكلي وفي معدل نموه وبمعدلات مرتفعة في الأجل الطويل، والحفاظ على معدلات مستقرة في المستوى العام للأسعار. كما تهدف إلى تحقيق مستويات مرتفعة من التوظف، وتخفيض معدل البطالة في المجتمع.
الغايات والوسائل في الاقتصاد الكلي:
عند تقييم اداء دولة فهناك بعض متغيرات معينة ومن حيث الاهمية مثل إجمالي الناتج القومي (أ ن ق) ، التوظف ، التضخم، صافي الصادرات.
وهذه هي المقاييس الرئيسية التي نستطيع عن طريقها أن نحكم على مستوى الاقتصاد ككل.
ومع تطور الاقتصاد الكلي الحديث، فقد زادت المعرفة عن كيف تؤثر السياسات العامة على الاقتصادي القومي.
أننا الآن نفهم بشكل أفضل وسائل أو أدوات السياسة الماكرو اقتصادي ولماذ تؤثر التغيرات في عرض النقود أو الضرائب والانفاق الحكومي على اقتصادنا.
الأهداف الأساسية للاقتصاد الكلي:
يوجد اربعة اهداف تعتبر أساسية لتقييم الأداء الماكرو اقتصادي.
1- الناتج الكلي:
إن الهدف الأساسي للنشاط الاقتصادي في أي مجتمع من المجتمعات هو إنتاج السلع والخدمات التي تشبع رغبات الأفراد وتحقق لهم مستوى مرتفع نسبيا من المعيشة.
الناتج القومي الإجمالي هو قيمة السلع والخدمات النهائية التي ينتجها المجتمع خلال كل فترة زمنية معينة(عام).
وبالنسبة للاقتصاد ككل فإن قيمة الناتج القومي الإجمالي تمثل قيمة دخول كل عناصر الإنتاج التي ساهمت في تحقيق هذا الناتج.
فقيمة الناتج الكلي من سلعة معينة تمثل دخول للعمال الذين ساهموا في تحقيق هذه الناتج، كما تمثل المدفوعات للمدخلات التي تم استخدامها في عمليات الإنتاج، وكذلك عوائد عنصري الأرض ورأس المال اللذان استخدما في عمليات الإنتاج.
فإن قيمة الناتج القومي الإجمالي تتساوى مع قيمة الدخل القومي في المجتمع خلال كل فترة زمنية معينة (عام).
وإجمالي الناتج القومي يمكن أن يقاس بالأسعار السوقية الجارية أو الفعلية، ويسمى بإجمالي الناتج القومي الإسمي.
أو يمكننا أن نقيس إجمالي الناتج القومي بمجموعة ثابتة من الأسعار في سنة معينة، ويسمى بإجمالي الناتج القومي الحقيقي.
التغيرات في إجمالي الناتج القومي الحقيقي هي أفضل المقاييس المتاحة لقياس مستوى الناتج ونموه، إنها كمقياس لنبض اقتصاد الدولة.
وإذا تم استخدام الموارد المتاحة في المجتمع استخداما كاملا فإن الناتج القومي يزداد ويصل إلى ما يسمى بالناتج المحتمل وبالتالي لا يوجد أي فاقد اقتصادي في المجتمع ويقاس بما يسمى بفجوة الناتج هي:
فجوة الناتج = الناتج القومي المحتمل - الناتج القومي الفعلي
اذا كانت فجوة الناتج صفر فإن هذا يعني أن الاقتصاد في حالة توظف كامل الذي يسمح بحد أدنى من البطالة وهذا يدل على ارتفاع مستوى الأداء الاقتصادي.
واذا كانت فجوةالناتج موجبة فهذا يعني وجود موارد عاطلة ويدل هذا على ضعف مستوى الأداء الاقتصادي.
تناقص مستوى الناتج الكلي هو تناقص الطلب على العمل وبالتالي زيادة معدل البطالة وانخفاض مستوى العام للأسعار (الركود الأقتصادي).
زيادة مستمرة في مستوى الناتج الكلي وفي مستوى العمالة وبالتالي يقل معدل البطالة ويتجه المستوى العام للأسعار إلى الارتفاع ( التضخم).
وفي الثمانينات من ذلك القرن تعرضت العديد من الدول المتقدمة وبعض الدول النامية إلى حالة من التضخم وقد صاحبها حالة من الركود الاقتصادي، وهو ما يعرف بالكساد التضخمي. وقد استمر لفترة طويلة من الزمن لأن الحكومات والبنوك المركزية لم يكن لديهم معرفة ماكرو اقتصادية كافية ليجربوا سياسات اقتصادية توسعية في فترات أخرى، مثل تلك من 1980 – 1983 في الولايات المتحدة، صانعوا السياسة تعمدوا زيادة البطالة وفجوات اجمالي الناتج القومي لكي يخفضوا معدل التضخم (أو الزيادة في الأسعار).
2- التوظف الكامل:
وهو تحقيق مستوى مرتفع من التوظف والذي يستلزم أيضا مستوى منخفض للبطالة. يعني القدرة على ايجاد السلع وايجاد وظائف مجزية الاجر بسهوله.
القوة العاملة هي عدد الأفراد البالغين الذين هم في سن العمل ( 12 – 60 سنة في مصر) (16 – 60 سنة في الولايات المتحدة) وقادرين على العمل ويبحثون بجدية عنه ويجدون عمل.
البطالة وهي عدد الأفراد البالغين الذين هم في سن العمل، وقادرين على العمل، ويبحثون بجدية عنه ولكنهم لا يجدون عمل.
اذا معدل البطالة = عدد أفراد العاطلين × 100
عدد الأفراد في قوة للعمل
معدل البطالة هو احد المقاييس الرئيسية لأداء اقتصاد ما السياسة الماكرو اقتصادية لكل بلد تركز على إبقاء هذا المعدل منخفضا معظم الوقت بقدر الإمكان.
وقد وصلت البطالة في الثلاثينات في الكساد العظيم الى 25% من القوة العاملة في سنة 1933، اي أن ربع القوة العاملة كان عاطلا ولمدة تقرب من عشر سنوات في كافة البلاد الغربية تقريبا.
وفي الفترة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، انخفضت البطالة كثيرا في معظم الدول الغربية، ولم يزد معدل البطالة عن 5% في المتوسط من القوة العاملة.
ولكن لسوء الحظ في السنوات الاخيرة لوحظ ارتفاع في معدل البطالة في معظم دول العالم ففي الولايات المتحدة ارتفع تدريجيا معدل البطالة في اواخر الستينات إلى 1982 إلى 9.7%
3- أستقرار الأسعار:
وهو ضمان أسعار مستقرة مع أسواق حرة وبذلك ينقسم هذا الهدف الى قسمين:
الأول: ان الاسعار لا ترتفع او تنخفض بسرعة لأن الاسعار هي المقياس الاقتصادي واذ تغير بسرعة خلال فترات التغيرات السريعة في الأسعار فأن العقود والاتفاقات الاقتصادية الأخرى تصبح مشوهة.
الثاني: المحافظة على اسواق حرة يعني أن الأسعار والكميات يحب أن تتحدد بواسطة قوى السوق، بواسطة العرض والطلب، بأقصى حد ممكن.
ان هدف استقرار الأسعار مع أسواق حرة يتبع اليوم في معظم الدول لأعتقاد افراد كثيرين أن الاسعار المستقرة المحددة بواسطة الأسواق الحرة تسمح للاقتصاد بأن يخصص الموارد بكفاءة وبطريقة تستجيب لأذواق الأفراد.
أكثر الطرق الشائعة لقياس المستوى العام للأسعار هو الرقم القياسي لأسعار المستهلكين consumer price index المعروف (CPI) وهو يقيس تكلفة مجموعة ثابتة من السلع ( مثل الغذاء، المسكن، الملبس، الرعاية الطبية) مشتراه بواسطة المستهلك العادي من سكان الحضر.
ومعدل التضخم يقاس بالتغير (زيادة أو نقص) في الرقم القياسي لأسعار المستهلكين من سنة لأخرى.
معدل التضخم = CPI في السنة الحالية – CPI في السنة السابقة × 100
CPI في السنة السابقة
اذاكان معدل التضخم موجبا، فإن هذا يدل على حدوث ارتفاع في الأسعار، كما حدث في ألمانيا في العشرينات أو في بوليقيا في الثمانينات .
وعندما يكون سالبا، فهذا يدل على حدوث انخفاض في الاسعار. وهذا يكون لدينا انكماش.
يحدث احيانا في الدول الشيوعية وأثناء الحرب في الدول الرأسمالية على الاسعار واقتصاديات السوق.
انه هدف مراوغ وانه من غير مرغوب فيه فرض مجموعة من الأسعار تكون جامدة بشكل مطلق.
4- التوازن الخارجي:
وهو تحقيق التوازن في المعاملات الخارجية للاقتصاد القومي ويتحقق ذلك عندما تتعادل مجموعة التزامات الاقتصاد القومي تجاه العالم الخارجي مع حقوقه تجاه هذا العالم الخارجي خلال فترة زمنية معينة وهذا في ميزان المدفوعات ( الذي يسجل فيه كل المتحصلات وكل المدفوعات مع العالم الخارجي).
اذا ظهر عجز في ميزان المدفوعات فإن هذا يعني أن المدفوعات تفوق المتحصلات من العالم الخارجي، ويتم تسديد هذا العجز إما عن طريق السحب من احتياطي الذهب أو العملات الاجنبية لدى الدولة، ومن ثم نقص احتياطياتها، أو عن طريق زيادة التزاماتها تجاه العالم الخارجي من خلال الاقتراض، ومن ثم ، تظهر الديون الخارجية وهو ما يلقي بالتزامات وأعباء إضافية على الاقتصاد القومي تؤدي إلى مزيد من التزاماتها في السنوات التالية.
ومن ثم تدخل الدولة في دوامة من عدم القدرة على تحقيق هدف التوازن الخارجي، خاصة إذا ما تفاقمت هذه الديون، ومن ثم، زيادة التزاماتها وأعبائها.
ويترتب على ذلك تدهور قي قيمة العملة الوطنية تجاه العملات الأجنبية بأستمرار.
اذا في حالة العجز فلابد من تدخل الحكومة واتخاذ بعض السياسات لمواجهته، منها تلك السياسات التي تهدف إلى زيادة الصادرات والحد من الواردات، ومن ثم زيادة متحصلات الدولة والحد من مدفوعاتها الخارجية بكافة الوسائل.
ومن ثم، تقليل هذا العجز أو التخلص منه كليا. وذلك لأن استقرار قيمة العملة الوطنية مرتبط بهذا التوازن في ميزان المدفوعات.
وفي ختام نلخص اهداف السياسة الماكروا اقتصادية كما يلي:
1- مستوى مرتفع ومتزايد للناتج الحقيقي.
2- مستوى مرتفع للتوظف ومستوى منخفض للبطالة، تقديم وظائف مناسبة بأجر مجز لأولئك الذين يريدون أن يعملوا.
3- مستوى أسعار مستقر أو يرتفع بلطف، مع كون الأسعار والأجور تتحدد بواسطة أسواق حرة.
4- علاقات اقتصادية خارجية تتميز بسعر صرف أجنبي مستقر وصادرات تكون متوازنة أكثر أو أقل مع الواردات.
إن دولا قليلة هي التي نجحت في تحقيق هذه الأهداف، ولكن معظم الدول المتقدمة تبحث بأستمرار عن وسائل تحقيقها بالكامل.
السياسات الاقتصادية الكلية:
أثبتت أزمة الكساد العالمي العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي، فضلا عن النظرية الكينزية والنظريات اللاحقة لها، أن الحاجة إلى السياسات الاقتصادية الكلية أصبحت ضرورة مسلم بها.
أنه لا يوجد أي اقتصاد في وقتتنا الحاضر يستطيع تحقيق الأهداف الاقتصادية للمجتمع تلقائيا بالمستوى المطلوب والمرغوب فيه بدون وجود سياسات اقتصادية كلية تساعد على ذلك.
كما أن الحاجة إلى السياسات الاقتصادية الكلية تزداد بدرجة أكبر ونحن في بداية الألفية الثالثة، حتى تستوعب هذه السياسات الاقتصادية التحولات والتحديات الاقتصادية التي تواجه الدول وهي في سعيها لتحقيق التنمية الاقتصادية.
فالتحول نحو آليات السوق من خلال برامج الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي، فضلا عن الخصخصة والاتجاه نحو اقتصاديات السوق الحر.
وتعرف السياسة الاقتصادية الكلية: بأنها مجموعة القواعد والأدوات والإجراءات والوسائل التي تضعها الحكومة وتحكم قراراتها في سبيل تحقيق هدف أو مجموعة من أهداف الاقتصاد القومي خلال فترة زمنية معينة.
وقد يتم سياسة واحدة أو أكثر من سياسة بهدف التأثير في متغير أو عدد من المتغيرات الاقتصادية على المستوى القومي.
أهم المشاكل الاقتصادية الكلية التي يمكن أن يعاني منها أي مجتمع، وتستخدم السياسات الاقتصادية الكلية في علاجها، تتمثل فيما يلي:
- مشكلة البطالة بأنواعها المختلفة.
- مشكلة التضخم وعدم الاستقرار في الأسعار.
- تدني معدلات النمو الاقتصادي.
- تزايد عجز ميزان المدفوعات وتدهور قيمة العملة الوطنية.
- تزايد عجز الموازنة العامة للدولة.
- مشكلة الديون الخارجية وتزايد التزاماتها.
- اختلال توزيع الدخل القومي.
- اختلال هيكل الدخل القومي.
- سوء تخصيص الموارد الاقتصادية المتاحة بالمجتمع.
أهم السياسات الاقتصادية الكلية فيما يلي:
أولا: السياسة المالية (Fiscal Policy ):
وتتمثل أدوات السياسة المالية في الإنقاق الحكومي والضرائب وتغيير أي منهما يؤثر في مستوى الطلب الكلي في المجتمع، وبالتالي، يؤثر في مستوى النشاط الاقتصادي.
الانفاق الحكومي هو يعني الانفاق الحكومي على السلع والخدمات مثل شراء المعدات الحربية (الدبابات – الطائرات) والانفاق على المرافق والخدمات العامة (الطرق – بناء السدود) ومرتبات القضاة، وضباط الجيش، وما إلى ذلك.
ويحدد الإنفاق الحكومي الوزن النسبي لكل من القطاع العام والقطاع الخاص في الدولة، ومن خلال تغيير الإنفاق الحكومي يتم التأثير في مستوى الطلب الكلي، وبالتالي في مستوى الناتج القومي ومستوى التوظف والمستوى العام للأسعار.
الضرائب وتتضمن كلا من الضرائب المباشرة وهي التي تفرض على دخول الأفراد. والضرائب الغير مباشرة وهي التي تفرض على السلع والخدمات.
وقد يؤثرتغيير الضرائب في الطلب الكلي بصورة غير مباشرة من خلال التأثير في مستوى الاستهلاك والاستثمار اللذان يمثلان مكونين رئيسيين من مكونات الطلب الكلي، وبالتالي، يؤثر هذا في مستوى الناتج القومي ومستوى التوظف والمستوى العام للأسعار.
وفي ظل ظروف الركود أو الكساد تركز أهداف السياسات الاقتصادية الكلية على الارتفاع بمستوى الناتج القومي ومعدل النمو فيه، فضلا عن الارتفاع بمستوى التوظف. ولذا، يتم اتباع سياسة مالية توسعية من خلال زيادة الإنفاق الحكومي و/أو تخفيض الضرائب، مما يؤدي إلى زيادة الطلب الكلي، وبالتالي يزداد كل من مستوى التوظف ومستوى الناتج القومي، ويرتفع معدل النمو الاقتصادي.
ويحدث العكس في ظل ظروف التضخم، حيث يتم اتباع سياسة مالية انكماشية من خلال تخفيض الإنفاق الحكومي و/أو زيادة الضرائب، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب الكلي، ويحد هذا من معدلات التضخم.
ثانيا: السياسة النقدية (Monetary Policy ):
وتتمثل أدوات السياسة النقدية في تغيير العرض النقدي في المجتمع، والائتمان المصرفي، ويؤثر هذا في مستويات أسعار الفائدة، وفي مستوى الاستثمار، ومن ثم في الطلب الكلي وبالتالي يؤثر في مستوى النشاط الاقتصادي.
ويقوم على هذه السياسة ويتولى إدارتها البنك المركزي، حيث يتحكم في العرض النقدي في المجتمع من خلال التأثير في عديد من المتغيرات التي تحكم قدرة البنوك على منح الائتمان، فضلا عن التحكم في الإصدار النقدي الجديد.
ويؤثر هذا في أسعار الفائدة، ومن ثم، في حجم الاستثمار الذي يمثل مكونا من مكونات الطلب الكلي.
وفي ظل ظروف الركود أو الكساد الاقتصادي يتبع البنك المركزي سياسة نقدية توسعية ويزيد من العرض النقدي في المجتمع، ويترتب على ذلك الأمر انخفاض في أسعار الفائدة، ومن ثم، يزداد الاستثمار، وبالتالي، يزداد مستوى الطلب الكلي، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة مستوى الناتج القومي ومستوى التوظف، فضلا عن ارتفاع معدل النمو الاقتصادي.
بينما في ظل ظروف التضخم فإن البنك المركزي يتبع سياسة نقدية انكماشية تهدف الى تخفيض العرض النقدي بالمجتمع، ومن ثم، ارتفاع اسعار الفائدة وبالتالي، ينخفض مستوى الاستثمار وبدوره مستوى الطلب الكلي، وهذا يحد في النهاية من الارتفاع في المستوى العام للأسعار.
ثالثا: السياسات الأقتصادية الخارجية أو الدولية
(International Economic Policy):
وقد تحكم هذه السياسات علاقات الدولة مع العالم الخارجي وتنقسم إلى مجموعتين من السياسات:
1- السياسة التجارية (Trade Policy):
وادوات السياسة التجارية هي التعريفة الجمركية ونظام الحصص، وإعانات الصادرات وغيرها من الأدوات التي تهدف إلى التأثير في الواردات والصادرات، ويؤثر هذا بدوره في مستوى الطلب الكلي، وبالتالي يؤثر في مستوى النشاط الاقتصادي.
فإذا كانت الدولة تواجه عجزا في الميزان التجاري، فإنها تتبع هذه السياسات من خلال فرض و/أو رفع التعريفة الجمركية على الواردات و/أو فرض قيود كمية على الواردات – مثل حصص الواردات – فضلا عن تقديم دعم وإعانات للصادرات بهدف زيادة قدرتها التنافسية في الأسواق الخارجية، وكل ذلك بهدف إلى زيادة الصادرات والحد من الواردات، وبالتالي تقليل أو التخلص من عجز الميزان التجاري.
غير ان اثر هذه السياسات لا يتوقف عند هذا الحد فقط بل يؤدي إلى رفع مستوى الطلب الكلي بالمجتمع، وبالتالي زيادة مستوى الناتج القومي ومستوى التوظف، وكذلك رفع معدل النمو الاقتصادي بالمجتمع.
2- سياسة الصرف الأجنبي (Foreign Exchange Policy):
وتتمثل أدوات هذه السياسة في تغير سعر الصرف والخاص بتحديد قيمة العملة الوطنية بالنسبة للعملات الأجنبية، ويؤثر هذا على التجارة الخارجية للدولة، أي على الصادرات والواردات، ويؤثر هذا بدورة في مستوى الطلب الكلي، وبالتالي، يؤثر في النهاية في مستوى النشاط الاقتصادي.
وتتبع الدول نظما مختلفة في تنظيم وإدارة أسواق الصرف الأجنبي فيها،
حيث تتبع بعض الدول نظام سعر الصرف الحر الذي يتحدد وفقا لتفاعل قوى العرض والطلب. بينما تتبع دول أخرى نظام سعر الصرف الرسمي الثابت، وتهدف هذه السياسة عادة إلى تحقيق الاستقرار في سعر صرف عملتها بالنسبة للعملات الأخرى في المدى الطويل.
وبعض الدول مثل الولايات المتحدة تتبع نظاما وسطا بين هذين الحدين حيث تسمح لأسعار الصرف بأن تتحرك مع السوق ولكن أحيانا تتدخل لدفع سعر صرف الدولار إلى أعلى أو إلى أسفل.
وعندما تواجه الدولة بعجز في الميزان التجاري، فإنها قد تلجأ إلى خفض سعر عملتها بالنسبة للعملات الأخرى، مما يؤدي إلى أن تصبح صادرتها أرخص نسبيا، وواردتها أغلى نسبيا، ويترتب على ذلك زيادة الصادرات والحد من الواردات وبذلك تقلل او تتخلص من عجز الميزان التجاري.
ويلاحظ ان رجال البنوك المركزية والقادة السياسيين يجتمعون بأستمرار لتنسيق سياساتهم الماكرو اقتصادية، لأن السياسات النقدية والمالية للبلاد المختلفة تتسرب لتؤثر على جيرانها.
إنه من المعتاد القول بأنه" عندما تعطس أمريكا، تصاب أوربا بالبرد".
ومنذ 1975 أصبح رؤساء حكومات البلاد الصناعية الرئيسية يجتمعون كل سنة في اجتماعات قمة اقتصادية لمناقشة المسائل الاقتصادية المشتركة ولأتخاذ إجراءات مناسبة لتحقيق أهداف مشتركة متفق عليها.
رابعا: سياسة الدخول (Income Policy ):
تتمثل أدوات هذه السياسة في التأثير بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة على كل من الدخول والأسعار، بهدف تحقيق الاستقرار في الأسعار والحد من التضخم الشديد. ويطلق على هذه السياسات بشكل أكثر تحديدا سياسات الأجور والأسعار (wages & price policies).
ويتم علاج التضخم الشديد وفقا للفكر التقليدي من خلال أتباع سياسات مالية ونقدية انكماشية، غير أن هذا الأمر يترتب عليه في الوقت نفسه خفض كل من مستوى الناتج ومستوى التوظف، وهذا يسهم بدورة في الارتفاع بمعدل البطالة في المجتمع. وهذا الأمر تكون تكلفته عالية جدا على المجتمع.
وقد تتطلب ذلك من الحكومات أن تبحث عن وسائل وأدوات بديلة ذات تكلفة أقل لمواجهة التضخم المتزايد. وقد تراوحت هذه الأدوات ما بين التحكم كلية في الأجور و/أو في الأسعار إلى استخدام مؤشرات اختيارية تحد من الزيادة في كل من الأجور والأسعار.
وتعد هذه السياسات بمثابة تدخل مباشر في قوى السوق للحد من التضخم، ولذا يثار بشأنها جدل كبير فيما بين الاقتصاديين.
الثلاثاء ديسمبر 10, 2019 9:59 am من طرف Admin
» المحاضرات لنظم الموارد البشرية
الأحد سبتمبر 04, 2016 12:38 pm من طرف سهام
» محاضرات التأمينات الاجتماعية للدكتور السنهوري
الإثنين يناير 27, 2014 2:10 pm من طرف shitarida
» أنواع نظم المعلومات
الثلاثاء مايو 14, 2013 11:53 am من طرف الاسيوطى
» الادارة المالية
الثلاثاء مايو 14, 2013 11:49 am من طرف الاسيوطى
» محاضرات مناهج بحث
الأحد أكتوبر 07, 2012 5:40 am من طرف Admin
» TOEFL BOOK
السبت فبراير 19, 2011 6:39 am من طرف kamal
» جمهورية برلمانية
الإثنين فبراير 14, 2011 10:39 am من طرف Mohammad Abouzied
» سؤال الى الدكتورة راوية حسن
الثلاثاء يناير 04, 2011 3:29 pm من طرف Mohammad Abouzied
» س و ج في نظم الموارد البشرية
الخميس يوليو 15, 2010 5:36 pm من طرف Sayyadah Abouzied
» المرجعة النهاية للاسترتيجية
الإثنين يوليو 05, 2010 4:38 pm من طرف Sayyadah Abouzied
» أجابات الاسئلة المهمة في مادة مراكز التقييم
الخميس يونيو 24, 2010 5:40 pm من طرف Sayyadah Abouzied
» امتحانات مواد التخلف هذا العام
الثلاثاء يونيو 22, 2010 5:05 am من طرف sayedw
» المحاضرة الاخيرة
الإثنين يونيو 07, 2010 3:43 pm من طرف Mohammad Abouzied
» جدول الامتحان دبلوم موارد بشرية الترم الثاني
الأحد يونيو 06, 2010 5:00 am من طرف Mohammad Abouzied
» المحاضرة الرابعة نظم معلومات ادارية
السبت مايو 29, 2010 4:22 am من طرف Mohammad Abouzied
» موارد بشرية تكميلي الدكتورة راوية
الثلاثاء مايو 25, 2010 4:57 pm من طرف Mohammad Abouzied
» المحاضرات والكتاب
الجمعة مايو 21, 2010 6:31 am من طرف Mohammad Abouzied
» المحاضرة الثالثة
الجمعة مايو 21, 2010 5:47 am من طرف Mohammad Abouzied
» المحاضرة الثانية
الجمعة مايو 14, 2010 6:24 am من طرف Mohammad Abouzied