- العولمة و المعلوماتية
هناك من لا يرى في العولمة أي جديد ، وهناك من يراها ظاهرة إنسانية جديدة تماما لم تعهد البشرية مثيلاتها من قبل ، فهي بذلك تكون إيديولوجية تطرح حدودا أخرى غير مرئية ترسمها الشبكات العالمية بقصد الهيمنة على السوق والأذواق والفكر والسلوك أطلق عليها أنها رأسمالية تكنولوجية معلوماتية . ومن منظور معلوماتي فإن العولمة يمكن أن ترى من خلال ثنائية الوجود الزمن / المكان ، في البداية كانت العولمة على خط غرينتش واليوم العولمة تمتد على طول تكنولوجيا الإتصالات والشبكات المختلفة للمعلومات والألياف الضوئية لتدخل المكان في إطار العولمة ، لتصبح العولمة المعلوماتية أحداثا تنتشر في إطار زمان محدد لتنتشر عبر مكان معين دون الأخذ في عين الاعتبار الفوارق المكانية والحدود الجغرافية (23) بحيث تبدو العولمة المعلوماتية في المحرك الأساسي : الابتكار التكنولوجي في مجال تكنولوجيات المعلومات . وعلى الرغم أن العولمة أخذت شكلا إقتصاديا في بداية ظهورها إلى أن التطورات التكنولوجية العالمية قد نحت بها إلى طرح قضية العولمة في أنساق أخرى كالمعلوماتية والتجارة الإلكترونية ، بحيث صار بوسع المستفيدين الحصول على المعلومات من أي مكان في العالم عبر إستثمار تكنولوجيا الاتصال الحديثة من خلال شبكة الأنترنت والتي أصبحت تمثل نموذجا عالميا مثاليا للعولمة المعلوماتية يتاح للأفراد التواصل دون أي عوائق بينهم مما يسمح بالتداول الحر للمعلومات ومن هنا تبدأ الأهمية الحقيقية للعولمة المعلوماتية . ولذا يمكن القول أن العولمة المعلوماتية هي ذلك الشكل من أشكال التواصل الإنساني عن طريق توظيف تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في إلغاء حدود الزمن والمكان . إن العولمة المعلوماتية تعتبر إحدى أهم النقاط السلبية التي تنجر عن الانخراط في ركب مجتمعات المعلومات ، وذلك لسبب بسيط هو أن حرية الولوج التي ينادي بها هذا المجتمع قد تتحول إلى جانب غاية في السلبية في حالة ما إذا جلب المد المعلوماتي فيما جلب معه عولمة معلوماتية تقود جوانب الحياة وتعو لم أنماط التفكير مع المعلومات ، بل وتفرض تحديات جديدة على الأخصائيين في ميدان المعلومات . 2- أبعاد العولمة على الجانب المعلوماتي : للعولمة المعلوماتية أبعاد متعددة وأهمها على الإطلاق ما ارتبط بالجانب المعلوماتي في حد ذاته ، ولربما يطرح السؤال حول العلاقة بين العولمة وأبعادها المعلوماتية المختلفة والتي تتجلى كشكل أساسي في الفجوة المعلوماتية ، هذه الأخيرة التي تعتبر من بين أهم إفرازات ثورة التكنولوجيا والتعدد الرقمي ، والسر هنا يكمن في أن الطريق إلى تحقيق العولمة لابد أن يمر من باب اسمه المعلومات ، والدول الغربية ومن أجل ضمان رعاية مصالحها ، ستكون مجبرة على الحفاظ على الوضع الحالي والمتردي للدول النامية وإبقاؤه على ما هو عليه لعقود أخرى إلى الأمام ، بحيث تحافظ على موقعها الريادي والاستراتيجي في العالم الحديث ، والفجوة الرقمية هي الحل …*الفجوة الرقمية : الفجوة المعلوماتية هي ذلك الفاصل الذي يقف بين دول العالم المتقدم ودول العالم المتخلف في مجالات متنوعة أهمها المجال المعلوماتي ، ويمكن القول أن الفجوة الرقمية تعد إحدى أهم المشكلات التي يعاني منها عالمنا المعاصر ليس فقط لأن قضية التطوير والتنمية المعلوماتية تعتبر الأكثر أهمية لدول العالم ، بل لأن هذه الفجوة تتسع يوما بعد يوم ، ويصبح المشكل أكثر تعقيدا إذا تذكرنا أن الدول المتخلفة اليوم هي التي دخلت عالم الثورة الصناعية متأخرة ( وكثير منها لم يدخلها بعد ) ، والدول المتخلفة غدا هي بالتأكيد تلك التي ستدخل الثورة المعلوماتية متأخرة مرة أخرى ،وتزداد القضية جدلا كلما تم ربطها أكثر بظاهرة العولمة التي تعتبر أحد أهم العناصر التي تزيد من حدة الوضع بفرضها لأنماط اقتصادية وثقافية تساهم بدل الارتفاع بالدول النامية إلى الانخفاض بها ،فالعولمة تكرس فقط للقوى الاقتصادية الكبرى التي يمكنها أن تستفيد من مزايا الانفتاح العالمي لأغراض التطوير العلمي والاقتصادي أما الكيانات الصغيرة الأخرى فمصيرها سيكون بالتأكيد التخلف عن سير مجتمعات المعلومات ، وقد حذرت اليوم منظمة الأغذية والزراعة ” فاو ” من أن ثورة المعلومات قد أهملت تماما نحو مليار شخص ، الأمر الذي أدى إلى خلق فجوة رقمية تعوق عملية التنمية . وذكرت المنظمة أن هناك ما يقدر بمليار شخص لم يستفيدوا من التحول في نظم المعلومات العالمية واستنادا إلى مدير المكتبة والنظم التوثيقية لدى المنظمة أنطون مانغستل ، فهناك ” فجوة رقمية ريفية ينبغي معالجتها ” . (24) *العولمة المعلوماتية والأمية المعلوماتية : يعتبر مصطلح الأمية من المصطلحات الرحبة الفضفاضة ، فليست الأمية هي فقط عدم القدرة القرائية أو الكتابية بل هناك العديد من القراءات التي توضح هذا المفهوم . ففي ظل هذه الطفرة المعلوماتية التي تحيط بالكيان المعرفي ، قد نشأت الأمية الحاسوبية ( computer illiteracy ) والتي توضح عدم قدرة بعض المتعلمين على التعامل مع الحاسب ، كما أن هناك الأمية المعلوماتية ( information illiteracy ) والتي تشير بشكل أو بأخر إلى عدم قدرة المتعلمين أو حتى مستخدمي الحاسب الآلي عن الوصول إلى معلوماتهم أو حتى التعامل مع مصادر المعلومات في ظل عمل المعلومات المعقد ، وهذان المفهومان متناوبان بالتداخل ، والأمية المعلوماتية هي مشكلة معاصرة عانت وتعاني منها مختلف دول العالم ، ولكنها أكثر انتشارا في الدول النامية ، ومنها أقطارها العربية وهي ظاهرة جديدة وخطيرة ، ظهرت نتيجة لثورة المعلومات وما رافقها من ظهور مستمر لتكنولوجيات متعددة الأوجه والمسميات . ولابد من الاعتراف أن العديد من الدول النامية كانت ولا تزال ، وإلى حد ما ، هي نفسها السبب في التخلف عن ركب الدول المتقدمة صناعيا وتكنولوجيا . والأمية التكنولوجية تعني ، مثلما تعني الأنواع الأخرى من الأمية ، جهل عدد غير قليل من أفراد وشرائح المجتمع بالتطورات التكنولوجية الحديثة وعدم معرفتهم التعامل معها واستخدامها ، وفي مقدمة ذلك الحواسيب الإلكترونية . والأمية المعلوماتية تعتبر واحدة من أدق الأبعاد الخفية للعولمة المعلوماتية ، هذه الأخيرة التي ليست كما يعتقد الكثيرون عملية تعميم المعلومات تحمل صبغة أخرى غير تلك التي تظهر بها ، فهي أيضا تعمل على ترسيخ الأمية المعلوماتية في الدول النامية ، وقد سبق القول أن الهدف الحقيقي من إشاعة قوانين حقوق التأليف ليس هو صيانة الحقوق بقدر ما هو عملية تعميم للأمية المعلوماتية في الدول النامية التي تعجز عن دفع المستحقات الضخمة التي تنتج عن حقوق التأليف ، والتي ليس بوسعها إن هي التزمت بهذه الحقوق إلا أن تنتظر زوالها بالتقادم ، وعندها سيكون الأوان قد فات على استخدام التكنولوجيات الموعودة بل سيكون الغرب ليس فقط قد خطى بل قفز عقودا إلى الأمام . (25) 3- تحديات العولمة وأخصائي المكتبات والمعلومات : إن التحديات التي تفرضها العولمة اليوم على اختصاص المكتبات بشكل عام والمختصين فيه بشكل خاص أصبحت من الأمور المهمة التي يجري تداولها في الساحة العلمية والمعلوماتية ،كون أن ظاهرة العولمة وسرعة التحول التي أتت بها والتي أدت إلى ازدياد استغلال وسائل مختلفة لصالح هذه الأخيرة قد أدى إلى إحداث ضغط كبير على أخصائي المكتبات والمعلومات لارتباطهم بالمجال المعلوماتي والمجالات الأخرى الأكثر صلة والأشد ارتباطا والتي تؤكد حتمية التطوير والتدريب الذاتي للاستعداد لتحمل التبعات الكثيرة التي ستلقى على عاتقهم . *تحدي الإنترنت :يسيطر العالم الأنجلوساكسوني على نسبة كبيرة جدا من نشاط شبكة الإنترنت إذ يقدر بأن 78 % من المواقع على الشبكة هي باللغة الإنجليزية ، بينما تشكل مواقع التجارة الإلكترونية باللغة الإنجليزية .على الإنترنت نسبة 96% من مجموع مواقع التجار الإلكترونية . وفوق كل ذلك فإن ما يقرب من 70 % من مجموع المواقع القائمة على الشبكة إنما هي مواقع وضعت في الولايات المتحدة ، وللفجوة الرقمية مظهران أو مستويان مختلفان ، فهي تفصل أولا بين من يملكون إمكانيات الاتصال بهذه الوسائل والتقنيات داخل المجتمعات الغربية نفسها ( بين البيض والسود ) . وبين الأغنياء المتعلمين والفقراء الجاهلين في تلك المجتمعات ، وهناك فجوة أخرى تفصل بين الدول والأمم ( كالهوة الفاصلة بين أوروبا وأفريقيا مثلا ) ومن العوامل الرئيسية التي تؤثر على وجود وتفاقم هذه الهوة الرقمية بكل أشكالها ومستوياتها عدم وجود بنى تحتية مناسبة لأغراض الاتصال بالشبكة في الكثير من بلدان العالم الثالث . كما أن غياب أو ضعف هذه البنى يؤدي إلى ارتفاع أسعار خدمات الإنترنت ، بحيث يصبح هذا الارتفاع عاملا معوقا بدوره فمثلا تتجاوز تكاليف الارتباط بشبكة الأنترنت في بعض دول أفريقيا مستوى الدخل الشهري لشريحة واسعة من سكان تلك البلدان ؟ وبالتالي فمن غير الممكن توقع انتشار استخدام الشبكة بشكل معقول هناك . (26)* تحدي الثورة التكنولوجية والتكوين المستمر : إن العنصر البشري يعتبر حجر الزاوية في عمليات البناء والتشييد في شتى الميادين ، ومن البديهي جدا أن يكون عنصرا هاما ومؤثرا وفعالا في كافة التحولات التي يشهدها مجتمع اليوم ،وفي مقدمته مجتمع المعلومات ، وهو ما ينطبق بصفة خاصة جدا على المكتبيين وأخصائي المعلومات في ظل التطورات الحديثة وما أفرزته من تطورات جديدة ، بحيث تبرز كفاءة المتخصص في قدرته على الاستجابة السريعة لاحتياجات عصره ،واحتياجات المتكونين على حد سواء . (27) إن حجم المعرفة العلمية قد تضاعف مئات المرات عما كان عليه في السابق . أمام هذا الكم الهائل من المعلومات والمعرفة الإنسانية العلمية التي تزداد تخصصاتها واللغات التي تنشر بها أصبح عليه أن يقوم بها بوظيفة جهاز المعلومات الذي ينتقي من هذا الفيض ما يخدم احتياجات المستفيدين . فالتأهيل المستمر في ظل العولمة أمر ضروري لجميع العاملين في قطاع المكتبات في ظل التطور في التقنيات والمعارف بسرعة ، وهو الأمر الذي يحتاج إلى جهد فردي متواصل واستعداد ذهني ، وأخصائي المكتبات والمعلومات عليه أن يتذكر دائما أن تعليمه المهني لا يتوقف بمجرد حصوله على المؤهل ولكنه يبدأ بعده ، وإذا كانت هذه الحقيقة تنطبق على كل التخصصات إلا أنها تنطبق بدرجة عالية على أخصائي المكتبات الذين يخدمون في الأغلب كل التخصصات الأخرى ، فالتدريب هو مخزن أسلحة علمية في أيدي المكتبي توجهه نحو طرق عمل منهجي ، إن انعدام التدريب هو ثغرة غير مسموح بها إطلاقا لأن عواقبه ستكون وخيمة جدا إذ أن قوة الأدوات المعلوماتية والتكوينية تتحقق في قدرتها على التحكم الثقافي بالأخر . 4- جمعيات المكتبات ومواقفها من العولمة: تتنوع مواقف جمعيات المكتبات بحسب درجة وضوح أهدافها نحو العولمة وعلى مدى اندراجها في التيار الرأسمالي ،ولكنها مهما اختلفت إلا أنها تجتمع جمعيا على التوجه نحو الحفاظ على قطاع المكتبات قطاعا عاما تابعا للدولة وعدم عرضه للخوصصة ، كون أن هدا الأمر سيؤدي بالمكتبات في القطاع العام إلى منافسة لن تستطيع في الأغلب مجاراتها،كما سيقودها إلى مستلزمات اقتصادية كدفع الضرائب وغير ذلك وهو ما سيهدد الدور الحالي للمكتبات والمعلومات: 4-1- الجمعية الأمريكية للمكتبات:لم تخرج الجمعية الأمريكية للمكتبات في الولايات المتحدة نحو العولمة عن الموقف العام للإفلا وصرحت في بيانها الختامي عقب قمة سياتل أن الموقف الواضح للإفلا وباقي الجمعيات العالمية والمحلية الأخرى يعزز موقفها بالرفض المطلق لمنح القطاع الخاص الحرية في الاستثمار في ميدان المكتبات ، على الرغم من موقعها داخل الو م أ ، فهي تعتبر أن الموقف العام لأي جمعية مكتبات في العالم إزاء الإتفاقيات التي من شأنها تعزيز دور القطاع العام في مجال المكتبات يجب أن لا يخرج عن موقف الإفلا الرافض لعولمة المكتبات مع ضرورة عولمة المعلومات أي السماح بالتدفق الحر لها . (28) 4-2- الجمعية البريطانية للمكتبات :أعلنت هده الجمعية كغيرها من الجمعيات تحت عنوان : تخيل العالم بدون مكتبات مخاوفها من ما يمكن اعتباره انعكاسات سلبية لتوسيع اتفاقية التجارة الحرة العالمية على قطاع المكتبات بحيث تصبح السيادة الأولى والأخيرة للمعلومات هي لمن يدفع أكثر وتصبح المعلومة بذلك رهنا لعمليات التجارة والبيع والشراء وتصبح المعلومة الثقافية رهنا لشركات متعددة الجنسيات لا تخضع لضوابط أخلاقية ما دام التحرر من أي عقيدة ثقافية أو سياسية هو أول ميزانها والسمة الأساسية التي يتركز عليها بناءها . (29) 4-3- الجمعية الكندية للمكتبات:أعلنت الجمعية الكندية للمكتبات في أكثر من مناسبة تضامنها مع بقية جمعيات مكتبات العالم في الرد على إتفاقيات منظمة التجارة العالمية بالرفض القاطع ، وأعلنت من خلال بيانها سنة 1999 على أن المكتبات مؤسسات اجتماعية مكرسة لتقديم مجال واسع من المعلومات والأفكار العامة بغض النظر عن الفوارق الإجتماعية والعرقية ، وهو الأمر الذي يتوافق تماما مع بيان اليونسكو للمكتبات العامة وبيات الإفلا حول التجارة الحرة . (30) 5- البيان الصادر عن الإتحاد الدولي للمكتبات والمعلومات حول العولمة وموقف الإفلا منه :
بعد التطور الملحوظ في سلسلة مناقشات إتفاقيات الغات رأت المكتبات ومراكز المعلومات مجسدة في الإتحاد الدولي للمكتبات والمعلومات أن الوقت حان لمناقشة الأخطار التوسعية للاتفاقيات الدولية والتي تهدد الدور الحقيقي للمكتبات ومراكز المعلومات وصدر بذلك بيان الإفلا بعنوان :the ifla position on WTO nagotiations .
وتبدأ بالإشارة إلى إجتماع منظمة التجارة العالمية والدي عقد في سياتل سنة1999 وأهميته تنبع من الأهمية التي تواجه بها مصير المكتبات ومراكز المعلومات ، من أجل المحافظة على حق الوصول إلى المعلومات ،وذلك من خلفية أن اتفاقيات التجارة الحرة ستؤدي إلى الأضرار بمصالح المكتبات المتمثلة في حق الوصول المجاني للمعلومات بسيطرة القطاع الخاص عليها والذي يعتمد على مبدأ الربحية قبل كل شيء وهو الأمر الذي سيؤدي إلى تقليص دور المكتبة في الحياة العامة أكثر ما هو عليه الآن خاصة في الدول النامية والدول العربية التي تعرف فيها انخفاضا فيها نسبة المقروئية انخفاضا عاليا . •وبذلك يمكن تحديد موقف الإفلا من عولمة المكتبات (31):
دعم المعارضة العالمية لأهداف منظمة التجارة العالمية التي ليست فقط تهدد القطاع العام في العالم ولكن تؤدي إلى إلغاء وجوده نهائيا من الحياة الاقتصادية والسياسية ومن ثمة فصل سلطة الدولة حتى عن المكتبات ومراكز المعلومات ، هده الأخيرة التي تعتمد سياستها الحالية على الدعم الحكومي خاصة فيما يتعلق بمجانية الخدمات المقدمة في غالبها وحرية الولوج إلى المعلومات .
* رفض خوصصة المكتبات لأن هدا القطاع يتميز بأنه غير تجاري ، وخصصته ستؤدي إلى فصله عن القطاع الثقافي الذي ينتمي أصلا إليه .
* السعي للتواصل مع المنظمات الثقافية المحلية عبر العالم سواء تعلق الأمر بتلك الناشطة في مجال الثقافة أو مجال المكتبات من أجل خلق نوع من التحالفات الإستراتجية للتصدي لمحاولات الخصخصة التي تنادي بها التجارة الحرة والعولمة بقيادة الو م أ .
* تعترض الإفلا على أي نوع من أنواع العراقيل التي يمكن أن تتسبب في حجب حرية تنقل المعلومات المنتجة في إطار قانوني سواء كانت المطبوعة أو الإلكترونية . وخلاصة توجه الإفلا نحو العولمة متجسدة في إتفاقيات تحرير التجارة العالمية الغات أن هده العولمة التي تنادي بتوحيد المضامين الثقافية في العالم مرفوضة شكلا ومضمونا خاصة إدا تضمنت أي توسع في إتفاقيات الغات التي تتضمن حماية المنتجات الثقافية المحلية التي تعتبر الأساس في بناء الوجود الفعلي لكيان المكتبات ومراكز المعلومات .5- آراء المتخصصين في مجال المكتبات والمعلومات حول العولمة : إن آراء المتخصصين في المكتبات والمعلومات كما سيبدو فيما بعد لم تخرج كثيرا عن أطر آراء غير المتخصصين ربما بحكم التخصص في المجال والرغبة في تطوير التخصص الذي ما زال في الدول العربية يعاني الكثير جراء غياب الوعي والمصادر وهذه آراء بعض المتخصصين في مجا المكتبات والمعلومات:•يرى الدكتور أحمد بدر أن الأهمية الفعلية لمهنة المكتبات والمعلومات في ظل العولمة إنما تبدأ من حجم الإهتمام العالمي بالمعلومات وإطلاق مبادرات ومصطلحات من قبيل المكتبات العالمية world libraianship ومصطلح المكتبات الكونية libraianship global التي تشير إلى الدور العالمي للمكتبات والمهنيين في مجالها على حد سواء وكل هذا بالتأكيد إنما تجلى في العولمة .•ترى د. ناريمان متولي أن العولمة كاتجاه عالمي في تكوين وتعليم علوم المكتبات والمعلومات لا يتجاوز كونه إحدى عناصر التطور العلمي والعالمي المنطقي بحيث يجب إعتبار العولمة المعلوماتية مجرد تطور وتحصيل حاصل على المكتبات والمعلومات .
•يرى د. طاشكندي أن الهدف الأساسي الذي يهم أمناء المكتبات والمعلومات والمتخصصين في المجال هو ليس العولمة الاقتصادية أو الثقافية أو السياسية بل هو أدوات المعلومات وشبكة الإنترنت وتقنية المعلومات ووسائل الاتصال .
فكل هذه الآراء لا تتجاوز نقطة أن العولمة إنما هي بالأساس تتركز على أدوات العولمة المعلوماتية والاتصالية والمكتبات لا بد في هذه الحالة أن تقوم بدور الإيجابي على المستوى الساحة العالمية وتستمد بذلك دورها من أهمية المعلومات في حد ذاتها في إرساء قواعد المعرفة ومجتمع المعلومات . ولكن السؤال الذي لا يمكن أن التغاضي عنه كذلك هو على أي مدى يمكن للمكتبات ومراكز المعلومات أن تنخرط في سير العولمة الاقتصادية والثقافية بالضبط ، هل يمكن إطلاق حرية الخوصصة للمكتبات وتسليم التراث الثقافي الذي تختزنه هذه الأخيرة إلى أيدي أجنبية يمكن أن تعبث به ،ما دام المدخل الثقافي الخلفي للعولمة يمكن أن يكون المكتبات لتحقيق ربما ما تعجز عنه الوسائل الأخرى ، أم أن حسم قضية كل شيء أو لاشيء بالنسبة للمكتبات والمعلومات يجعل من قضية التنازل أمرا لا مفر منه ؟إن المتتبع لهذا العرض سيلاحظ دون شك أن للعولمة ومجتمعات المعلومات خصائص لا يمكن تجاهلها ، وللاثنين سلبيات وإيجابيات ، ولهما من الأثر المشترك في حياة ومصير الملايين من البشر ما يقرر ويؤكد أهميتها في صياغتها المستقبل ، إما لازدهار أو لاندثار مجتمعات العالم الحديثة ، ولأن هذا الترابط فيما بين هذين الاثنين كان هو السمة المميزة لهذا العرض فقد كان من الضروري معرفة مدى التكامل والتنافر بينهما ، ومعرفة أي الأبعاد المؤثرة في مجتمعات المعلومات من تداعيات العولمة هي الأكثر تأثيرا في مجتمعات المعلومات . والعولمة بنظر أخصائي المكتبات والمعلومات هي انتصار حقيقي للقيم الأمريكية ولذا فالترقب هو الوسيلة الأفضل للإفادة من العولمة بحيث أن الرفض المطلق أو القبول المطلق في الوضع الحالي كلاهما سيجر من الخسائر أكثر بكثير في حالة التقدم نحو العولمة من دون الإدراك الحقيقي لأبعادها ، وهو الأمر الذي يحتاج إلى فترة زمنية كافية حتى تنجلي معالمه .
ثبت المراجع 23 – نبيل ، علي . الثقافة العربية وعصر المعلومات : رؤية لمستقبل الخطاب الثقافي العربي . الكويت : عالم المعرفة ،2001 . ص. 39 . 24- بوطورة ، أكرم . مجتمع المعلومات وتحديات العولمة : بين ثقافة التقييم وتقييم الثقافة : دراسة ميدانية على أخصائي المكتبات والمعلومات بالشرق الجزائري . رسالة ماجستير : قسنطينة : علم المكتبات ،2006.ص.190 . 25- بوطورة ، أكرم . المرجع السابق . ص. ص. 195 – 196 . 26- المرجع نفسه . ص. 197 . 27- بودربان ، عز الدين . البحث الوثائقي في مجتمع المعلومات : دراسة ميدانية في المؤسسات التربوية الجزائرية ، قسنطينة نموذجا . أطروحة دكتوراه : قسم المكتبات : قسنطينة ، 2005 . ص . 167 – 168 .1- Americana library association and the globalization effects ( on line) . 20/2/2007 . disponible sur web : http://www . library 4 all.net /library /coole/14=44-net /nation .openien.doc[1] 28- بوطورة ، أكرم . المرجع السابق .ص. 213 . 29- الوجع نفسه . ص. 214 . 30- شاهين ، شريف كامل . الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات وانعكساتها على المكتبات : ردود فعل عالمية وغموض في الموقف العربي دراسة استكشافية لآراء المتخصصين العرب . وقائع المؤتمر العربي للإتحاد العربي للمكتبات والمعلومات : المكتبات العربية في مطلع الألفية الثالثة بنى وكفاءات متطورة ، الشارقة 5 – 8 نوفمبر 2001 . ص. 410 – 412 . 31- شاهين ، شريف كامل . المرجع السابق . ص.
هناك من لا يرى في العولمة أي جديد ، وهناك من يراها ظاهرة إنسانية جديدة تماما لم تعهد البشرية مثيلاتها من قبل ، فهي بذلك تكون إيديولوجية تطرح حدودا أخرى غير مرئية ترسمها الشبكات العالمية بقصد الهيمنة على السوق والأذواق والفكر والسلوك أطلق عليها أنها رأسمالية تكنولوجية معلوماتية . ومن منظور معلوماتي فإن العولمة يمكن أن ترى من خلال ثنائية الوجود الزمن / المكان ، في البداية كانت العولمة على خط غرينتش واليوم العولمة تمتد على طول تكنولوجيا الإتصالات والشبكات المختلفة للمعلومات والألياف الضوئية لتدخل المكان في إطار العولمة ، لتصبح العولمة المعلوماتية أحداثا تنتشر في إطار زمان محدد لتنتشر عبر مكان معين دون الأخذ في عين الاعتبار الفوارق المكانية والحدود الجغرافية (23) بحيث تبدو العولمة المعلوماتية في المحرك الأساسي : الابتكار التكنولوجي في مجال تكنولوجيات المعلومات . وعلى الرغم أن العولمة أخذت شكلا إقتصاديا في بداية ظهورها إلى أن التطورات التكنولوجية العالمية قد نحت بها إلى طرح قضية العولمة في أنساق أخرى كالمعلوماتية والتجارة الإلكترونية ، بحيث صار بوسع المستفيدين الحصول على المعلومات من أي مكان في العالم عبر إستثمار تكنولوجيا الاتصال الحديثة من خلال شبكة الأنترنت والتي أصبحت تمثل نموذجا عالميا مثاليا للعولمة المعلوماتية يتاح للأفراد التواصل دون أي عوائق بينهم مما يسمح بالتداول الحر للمعلومات ومن هنا تبدأ الأهمية الحقيقية للعولمة المعلوماتية . ولذا يمكن القول أن العولمة المعلوماتية هي ذلك الشكل من أشكال التواصل الإنساني عن طريق توظيف تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في إلغاء حدود الزمن والمكان . إن العولمة المعلوماتية تعتبر إحدى أهم النقاط السلبية التي تنجر عن الانخراط في ركب مجتمعات المعلومات ، وذلك لسبب بسيط هو أن حرية الولوج التي ينادي بها هذا المجتمع قد تتحول إلى جانب غاية في السلبية في حالة ما إذا جلب المد المعلوماتي فيما جلب معه عولمة معلوماتية تقود جوانب الحياة وتعو لم أنماط التفكير مع المعلومات ، بل وتفرض تحديات جديدة على الأخصائيين في ميدان المعلومات . 2- أبعاد العولمة على الجانب المعلوماتي : للعولمة المعلوماتية أبعاد متعددة وأهمها على الإطلاق ما ارتبط بالجانب المعلوماتي في حد ذاته ، ولربما يطرح السؤال حول العلاقة بين العولمة وأبعادها المعلوماتية المختلفة والتي تتجلى كشكل أساسي في الفجوة المعلوماتية ، هذه الأخيرة التي تعتبر من بين أهم إفرازات ثورة التكنولوجيا والتعدد الرقمي ، والسر هنا يكمن في أن الطريق إلى تحقيق العولمة لابد أن يمر من باب اسمه المعلومات ، والدول الغربية ومن أجل ضمان رعاية مصالحها ، ستكون مجبرة على الحفاظ على الوضع الحالي والمتردي للدول النامية وإبقاؤه على ما هو عليه لعقود أخرى إلى الأمام ، بحيث تحافظ على موقعها الريادي والاستراتيجي في العالم الحديث ، والفجوة الرقمية هي الحل …*الفجوة الرقمية : الفجوة المعلوماتية هي ذلك الفاصل الذي يقف بين دول العالم المتقدم ودول العالم المتخلف في مجالات متنوعة أهمها المجال المعلوماتي ، ويمكن القول أن الفجوة الرقمية تعد إحدى أهم المشكلات التي يعاني منها عالمنا المعاصر ليس فقط لأن قضية التطوير والتنمية المعلوماتية تعتبر الأكثر أهمية لدول العالم ، بل لأن هذه الفجوة تتسع يوما بعد يوم ، ويصبح المشكل أكثر تعقيدا إذا تذكرنا أن الدول المتخلفة اليوم هي التي دخلت عالم الثورة الصناعية متأخرة ( وكثير منها لم يدخلها بعد ) ، والدول المتخلفة غدا هي بالتأكيد تلك التي ستدخل الثورة المعلوماتية متأخرة مرة أخرى ،وتزداد القضية جدلا كلما تم ربطها أكثر بظاهرة العولمة التي تعتبر أحد أهم العناصر التي تزيد من حدة الوضع بفرضها لأنماط اقتصادية وثقافية تساهم بدل الارتفاع بالدول النامية إلى الانخفاض بها ،فالعولمة تكرس فقط للقوى الاقتصادية الكبرى التي يمكنها أن تستفيد من مزايا الانفتاح العالمي لأغراض التطوير العلمي والاقتصادي أما الكيانات الصغيرة الأخرى فمصيرها سيكون بالتأكيد التخلف عن سير مجتمعات المعلومات ، وقد حذرت اليوم منظمة الأغذية والزراعة ” فاو ” من أن ثورة المعلومات قد أهملت تماما نحو مليار شخص ، الأمر الذي أدى إلى خلق فجوة رقمية تعوق عملية التنمية . وذكرت المنظمة أن هناك ما يقدر بمليار شخص لم يستفيدوا من التحول في نظم المعلومات العالمية واستنادا إلى مدير المكتبة والنظم التوثيقية لدى المنظمة أنطون مانغستل ، فهناك ” فجوة رقمية ريفية ينبغي معالجتها ” . (24) *العولمة المعلوماتية والأمية المعلوماتية : يعتبر مصطلح الأمية من المصطلحات الرحبة الفضفاضة ، فليست الأمية هي فقط عدم القدرة القرائية أو الكتابية بل هناك العديد من القراءات التي توضح هذا المفهوم . ففي ظل هذه الطفرة المعلوماتية التي تحيط بالكيان المعرفي ، قد نشأت الأمية الحاسوبية ( computer illiteracy ) والتي توضح عدم قدرة بعض المتعلمين على التعامل مع الحاسب ، كما أن هناك الأمية المعلوماتية ( information illiteracy ) والتي تشير بشكل أو بأخر إلى عدم قدرة المتعلمين أو حتى مستخدمي الحاسب الآلي عن الوصول إلى معلوماتهم أو حتى التعامل مع مصادر المعلومات في ظل عمل المعلومات المعقد ، وهذان المفهومان متناوبان بالتداخل ، والأمية المعلوماتية هي مشكلة معاصرة عانت وتعاني منها مختلف دول العالم ، ولكنها أكثر انتشارا في الدول النامية ، ومنها أقطارها العربية وهي ظاهرة جديدة وخطيرة ، ظهرت نتيجة لثورة المعلومات وما رافقها من ظهور مستمر لتكنولوجيات متعددة الأوجه والمسميات . ولابد من الاعتراف أن العديد من الدول النامية كانت ولا تزال ، وإلى حد ما ، هي نفسها السبب في التخلف عن ركب الدول المتقدمة صناعيا وتكنولوجيا . والأمية التكنولوجية تعني ، مثلما تعني الأنواع الأخرى من الأمية ، جهل عدد غير قليل من أفراد وشرائح المجتمع بالتطورات التكنولوجية الحديثة وعدم معرفتهم التعامل معها واستخدامها ، وفي مقدمة ذلك الحواسيب الإلكترونية . والأمية المعلوماتية تعتبر واحدة من أدق الأبعاد الخفية للعولمة المعلوماتية ، هذه الأخيرة التي ليست كما يعتقد الكثيرون عملية تعميم المعلومات تحمل صبغة أخرى غير تلك التي تظهر بها ، فهي أيضا تعمل على ترسيخ الأمية المعلوماتية في الدول النامية ، وقد سبق القول أن الهدف الحقيقي من إشاعة قوانين حقوق التأليف ليس هو صيانة الحقوق بقدر ما هو عملية تعميم للأمية المعلوماتية في الدول النامية التي تعجز عن دفع المستحقات الضخمة التي تنتج عن حقوق التأليف ، والتي ليس بوسعها إن هي التزمت بهذه الحقوق إلا أن تنتظر زوالها بالتقادم ، وعندها سيكون الأوان قد فات على استخدام التكنولوجيات الموعودة بل سيكون الغرب ليس فقط قد خطى بل قفز عقودا إلى الأمام . (25) 3- تحديات العولمة وأخصائي المكتبات والمعلومات : إن التحديات التي تفرضها العولمة اليوم على اختصاص المكتبات بشكل عام والمختصين فيه بشكل خاص أصبحت من الأمور المهمة التي يجري تداولها في الساحة العلمية والمعلوماتية ،كون أن ظاهرة العولمة وسرعة التحول التي أتت بها والتي أدت إلى ازدياد استغلال وسائل مختلفة لصالح هذه الأخيرة قد أدى إلى إحداث ضغط كبير على أخصائي المكتبات والمعلومات لارتباطهم بالمجال المعلوماتي والمجالات الأخرى الأكثر صلة والأشد ارتباطا والتي تؤكد حتمية التطوير والتدريب الذاتي للاستعداد لتحمل التبعات الكثيرة التي ستلقى على عاتقهم . *تحدي الإنترنت :يسيطر العالم الأنجلوساكسوني على نسبة كبيرة جدا من نشاط شبكة الإنترنت إذ يقدر بأن 78 % من المواقع على الشبكة هي باللغة الإنجليزية ، بينما تشكل مواقع التجارة الإلكترونية باللغة الإنجليزية .على الإنترنت نسبة 96% من مجموع مواقع التجار الإلكترونية . وفوق كل ذلك فإن ما يقرب من 70 % من مجموع المواقع القائمة على الشبكة إنما هي مواقع وضعت في الولايات المتحدة ، وللفجوة الرقمية مظهران أو مستويان مختلفان ، فهي تفصل أولا بين من يملكون إمكانيات الاتصال بهذه الوسائل والتقنيات داخل المجتمعات الغربية نفسها ( بين البيض والسود ) . وبين الأغنياء المتعلمين والفقراء الجاهلين في تلك المجتمعات ، وهناك فجوة أخرى تفصل بين الدول والأمم ( كالهوة الفاصلة بين أوروبا وأفريقيا مثلا ) ومن العوامل الرئيسية التي تؤثر على وجود وتفاقم هذه الهوة الرقمية بكل أشكالها ومستوياتها عدم وجود بنى تحتية مناسبة لأغراض الاتصال بالشبكة في الكثير من بلدان العالم الثالث . كما أن غياب أو ضعف هذه البنى يؤدي إلى ارتفاع أسعار خدمات الإنترنت ، بحيث يصبح هذا الارتفاع عاملا معوقا بدوره فمثلا تتجاوز تكاليف الارتباط بشبكة الأنترنت في بعض دول أفريقيا مستوى الدخل الشهري لشريحة واسعة من سكان تلك البلدان ؟ وبالتالي فمن غير الممكن توقع انتشار استخدام الشبكة بشكل معقول هناك . (26)* تحدي الثورة التكنولوجية والتكوين المستمر : إن العنصر البشري يعتبر حجر الزاوية في عمليات البناء والتشييد في شتى الميادين ، ومن البديهي جدا أن يكون عنصرا هاما ومؤثرا وفعالا في كافة التحولات التي يشهدها مجتمع اليوم ،وفي مقدمته مجتمع المعلومات ، وهو ما ينطبق بصفة خاصة جدا على المكتبيين وأخصائي المعلومات في ظل التطورات الحديثة وما أفرزته من تطورات جديدة ، بحيث تبرز كفاءة المتخصص في قدرته على الاستجابة السريعة لاحتياجات عصره ،واحتياجات المتكونين على حد سواء . (27) إن حجم المعرفة العلمية قد تضاعف مئات المرات عما كان عليه في السابق . أمام هذا الكم الهائل من المعلومات والمعرفة الإنسانية العلمية التي تزداد تخصصاتها واللغات التي تنشر بها أصبح عليه أن يقوم بها بوظيفة جهاز المعلومات الذي ينتقي من هذا الفيض ما يخدم احتياجات المستفيدين . فالتأهيل المستمر في ظل العولمة أمر ضروري لجميع العاملين في قطاع المكتبات في ظل التطور في التقنيات والمعارف بسرعة ، وهو الأمر الذي يحتاج إلى جهد فردي متواصل واستعداد ذهني ، وأخصائي المكتبات والمعلومات عليه أن يتذكر دائما أن تعليمه المهني لا يتوقف بمجرد حصوله على المؤهل ولكنه يبدأ بعده ، وإذا كانت هذه الحقيقة تنطبق على كل التخصصات إلا أنها تنطبق بدرجة عالية على أخصائي المكتبات الذين يخدمون في الأغلب كل التخصصات الأخرى ، فالتدريب هو مخزن أسلحة علمية في أيدي المكتبي توجهه نحو طرق عمل منهجي ، إن انعدام التدريب هو ثغرة غير مسموح بها إطلاقا لأن عواقبه ستكون وخيمة جدا إذ أن قوة الأدوات المعلوماتية والتكوينية تتحقق في قدرتها على التحكم الثقافي بالأخر . 4- جمعيات المكتبات ومواقفها من العولمة: تتنوع مواقف جمعيات المكتبات بحسب درجة وضوح أهدافها نحو العولمة وعلى مدى اندراجها في التيار الرأسمالي ،ولكنها مهما اختلفت إلا أنها تجتمع جمعيا على التوجه نحو الحفاظ على قطاع المكتبات قطاعا عاما تابعا للدولة وعدم عرضه للخوصصة ، كون أن هدا الأمر سيؤدي بالمكتبات في القطاع العام إلى منافسة لن تستطيع في الأغلب مجاراتها،كما سيقودها إلى مستلزمات اقتصادية كدفع الضرائب وغير ذلك وهو ما سيهدد الدور الحالي للمكتبات والمعلومات: 4-1- الجمعية الأمريكية للمكتبات:لم تخرج الجمعية الأمريكية للمكتبات في الولايات المتحدة نحو العولمة عن الموقف العام للإفلا وصرحت في بيانها الختامي عقب قمة سياتل أن الموقف الواضح للإفلا وباقي الجمعيات العالمية والمحلية الأخرى يعزز موقفها بالرفض المطلق لمنح القطاع الخاص الحرية في الاستثمار في ميدان المكتبات ، على الرغم من موقعها داخل الو م أ ، فهي تعتبر أن الموقف العام لأي جمعية مكتبات في العالم إزاء الإتفاقيات التي من شأنها تعزيز دور القطاع العام في مجال المكتبات يجب أن لا يخرج عن موقف الإفلا الرافض لعولمة المكتبات مع ضرورة عولمة المعلومات أي السماح بالتدفق الحر لها . (28) 4-2- الجمعية البريطانية للمكتبات :أعلنت هده الجمعية كغيرها من الجمعيات تحت عنوان : تخيل العالم بدون مكتبات مخاوفها من ما يمكن اعتباره انعكاسات سلبية لتوسيع اتفاقية التجارة الحرة العالمية على قطاع المكتبات بحيث تصبح السيادة الأولى والأخيرة للمعلومات هي لمن يدفع أكثر وتصبح المعلومة بذلك رهنا لعمليات التجارة والبيع والشراء وتصبح المعلومة الثقافية رهنا لشركات متعددة الجنسيات لا تخضع لضوابط أخلاقية ما دام التحرر من أي عقيدة ثقافية أو سياسية هو أول ميزانها والسمة الأساسية التي يتركز عليها بناءها . (29) 4-3- الجمعية الكندية للمكتبات:أعلنت الجمعية الكندية للمكتبات في أكثر من مناسبة تضامنها مع بقية جمعيات مكتبات العالم في الرد على إتفاقيات منظمة التجارة العالمية بالرفض القاطع ، وأعلنت من خلال بيانها سنة 1999 على أن المكتبات مؤسسات اجتماعية مكرسة لتقديم مجال واسع من المعلومات والأفكار العامة بغض النظر عن الفوارق الإجتماعية والعرقية ، وهو الأمر الذي يتوافق تماما مع بيان اليونسكو للمكتبات العامة وبيات الإفلا حول التجارة الحرة . (30) 5- البيان الصادر عن الإتحاد الدولي للمكتبات والمعلومات حول العولمة وموقف الإفلا منه :
بعد التطور الملحوظ في سلسلة مناقشات إتفاقيات الغات رأت المكتبات ومراكز المعلومات مجسدة في الإتحاد الدولي للمكتبات والمعلومات أن الوقت حان لمناقشة الأخطار التوسعية للاتفاقيات الدولية والتي تهدد الدور الحقيقي للمكتبات ومراكز المعلومات وصدر بذلك بيان الإفلا بعنوان :the ifla position on WTO nagotiations .
وتبدأ بالإشارة إلى إجتماع منظمة التجارة العالمية والدي عقد في سياتل سنة1999 وأهميته تنبع من الأهمية التي تواجه بها مصير المكتبات ومراكز المعلومات ، من أجل المحافظة على حق الوصول إلى المعلومات ،وذلك من خلفية أن اتفاقيات التجارة الحرة ستؤدي إلى الأضرار بمصالح المكتبات المتمثلة في حق الوصول المجاني للمعلومات بسيطرة القطاع الخاص عليها والذي يعتمد على مبدأ الربحية قبل كل شيء وهو الأمر الذي سيؤدي إلى تقليص دور المكتبة في الحياة العامة أكثر ما هو عليه الآن خاصة في الدول النامية والدول العربية التي تعرف فيها انخفاضا فيها نسبة المقروئية انخفاضا عاليا . •وبذلك يمكن تحديد موقف الإفلا من عولمة المكتبات (31):
دعم المعارضة العالمية لأهداف منظمة التجارة العالمية التي ليست فقط تهدد القطاع العام في العالم ولكن تؤدي إلى إلغاء وجوده نهائيا من الحياة الاقتصادية والسياسية ومن ثمة فصل سلطة الدولة حتى عن المكتبات ومراكز المعلومات ، هده الأخيرة التي تعتمد سياستها الحالية على الدعم الحكومي خاصة فيما يتعلق بمجانية الخدمات المقدمة في غالبها وحرية الولوج إلى المعلومات .
* رفض خوصصة المكتبات لأن هدا القطاع يتميز بأنه غير تجاري ، وخصصته ستؤدي إلى فصله عن القطاع الثقافي الذي ينتمي أصلا إليه .
* السعي للتواصل مع المنظمات الثقافية المحلية عبر العالم سواء تعلق الأمر بتلك الناشطة في مجال الثقافة أو مجال المكتبات من أجل خلق نوع من التحالفات الإستراتجية للتصدي لمحاولات الخصخصة التي تنادي بها التجارة الحرة والعولمة بقيادة الو م أ .
* تعترض الإفلا على أي نوع من أنواع العراقيل التي يمكن أن تتسبب في حجب حرية تنقل المعلومات المنتجة في إطار قانوني سواء كانت المطبوعة أو الإلكترونية . وخلاصة توجه الإفلا نحو العولمة متجسدة في إتفاقيات تحرير التجارة العالمية الغات أن هده العولمة التي تنادي بتوحيد المضامين الثقافية في العالم مرفوضة شكلا ومضمونا خاصة إدا تضمنت أي توسع في إتفاقيات الغات التي تتضمن حماية المنتجات الثقافية المحلية التي تعتبر الأساس في بناء الوجود الفعلي لكيان المكتبات ومراكز المعلومات .5- آراء المتخصصين في مجال المكتبات والمعلومات حول العولمة : إن آراء المتخصصين في المكتبات والمعلومات كما سيبدو فيما بعد لم تخرج كثيرا عن أطر آراء غير المتخصصين ربما بحكم التخصص في المجال والرغبة في تطوير التخصص الذي ما زال في الدول العربية يعاني الكثير جراء غياب الوعي والمصادر وهذه آراء بعض المتخصصين في مجا المكتبات والمعلومات:•يرى الدكتور أحمد بدر أن الأهمية الفعلية لمهنة المكتبات والمعلومات في ظل العولمة إنما تبدأ من حجم الإهتمام العالمي بالمعلومات وإطلاق مبادرات ومصطلحات من قبيل المكتبات العالمية world libraianship ومصطلح المكتبات الكونية libraianship global التي تشير إلى الدور العالمي للمكتبات والمهنيين في مجالها على حد سواء وكل هذا بالتأكيد إنما تجلى في العولمة .•ترى د. ناريمان متولي أن العولمة كاتجاه عالمي في تكوين وتعليم علوم المكتبات والمعلومات لا يتجاوز كونه إحدى عناصر التطور العلمي والعالمي المنطقي بحيث يجب إعتبار العولمة المعلوماتية مجرد تطور وتحصيل حاصل على المكتبات والمعلومات .
•يرى د. طاشكندي أن الهدف الأساسي الذي يهم أمناء المكتبات والمعلومات والمتخصصين في المجال هو ليس العولمة الاقتصادية أو الثقافية أو السياسية بل هو أدوات المعلومات وشبكة الإنترنت وتقنية المعلومات ووسائل الاتصال .
فكل هذه الآراء لا تتجاوز نقطة أن العولمة إنما هي بالأساس تتركز على أدوات العولمة المعلوماتية والاتصالية والمكتبات لا بد في هذه الحالة أن تقوم بدور الإيجابي على المستوى الساحة العالمية وتستمد بذلك دورها من أهمية المعلومات في حد ذاتها في إرساء قواعد المعرفة ومجتمع المعلومات . ولكن السؤال الذي لا يمكن أن التغاضي عنه كذلك هو على أي مدى يمكن للمكتبات ومراكز المعلومات أن تنخرط في سير العولمة الاقتصادية والثقافية بالضبط ، هل يمكن إطلاق حرية الخوصصة للمكتبات وتسليم التراث الثقافي الذي تختزنه هذه الأخيرة إلى أيدي أجنبية يمكن أن تعبث به ،ما دام المدخل الثقافي الخلفي للعولمة يمكن أن يكون المكتبات لتحقيق ربما ما تعجز عنه الوسائل الأخرى ، أم أن حسم قضية كل شيء أو لاشيء بالنسبة للمكتبات والمعلومات يجعل من قضية التنازل أمرا لا مفر منه ؟إن المتتبع لهذا العرض سيلاحظ دون شك أن للعولمة ومجتمعات المعلومات خصائص لا يمكن تجاهلها ، وللاثنين سلبيات وإيجابيات ، ولهما من الأثر المشترك في حياة ومصير الملايين من البشر ما يقرر ويؤكد أهميتها في صياغتها المستقبل ، إما لازدهار أو لاندثار مجتمعات العالم الحديثة ، ولأن هذا الترابط فيما بين هذين الاثنين كان هو السمة المميزة لهذا العرض فقد كان من الضروري معرفة مدى التكامل والتنافر بينهما ، ومعرفة أي الأبعاد المؤثرة في مجتمعات المعلومات من تداعيات العولمة هي الأكثر تأثيرا في مجتمعات المعلومات . والعولمة بنظر أخصائي المكتبات والمعلومات هي انتصار حقيقي للقيم الأمريكية ولذا فالترقب هو الوسيلة الأفضل للإفادة من العولمة بحيث أن الرفض المطلق أو القبول المطلق في الوضع الحالي كلاهما سيجر من الخسائر أكثر بكثير في حالة التقدم نحو العولمة من دون الإدراك الحقيقي لأبعادها ، وهو الأمر الذي يحتاج إلى فترة زمنية كافية حتى تنجلي معالمه .
ثبت المراجع 23 – نبيل ، علي . الثقافة العربية وعصر المعلومات : رؤية لمستقبل الخطاب الثقافي العربي . الكويت : عالم المعرفة ،2001 . ص. 39 . 24- بوطورة ، أكرم . مجتمع المعلومات وتحديات العولمة : بين ثقافة التقييم وتقييم الثقافة : دراسة ميدانية على أخصائي المكتبات والمعلومات بالشرق الجزائري . رسالة ماجستير : قسنطينة : علم المكتبات ،2006.ص.190 . 25- بوطورة ، أكرم . المرجع السابق . ص. ص. 195 – 196 . 26- المرجع نفسه . ص. 197 . 27- بودربان ، عز الدين . البحث الوثائقي في مجتمع المعلومات : دراسة ميدانية في المؤسسات التربوية الجزائرية ، قسنطينة نموذجا . أطروحة دكتوراه : قسم المكتبات : قسنطينة ، 2005 . ص . 167 – 168 .1- Americana library association and the globalization effects ( on line) . 20/2/2007 . disponible sur web : http://www . library 4 all.net /library /coole/14=44-net /nation .openien.doc[1] 28- بوطورة ، أكرم . المرجع السابق .ص. 213 . 29- الوجع نفسه . ص. 214 . 30- شاهين ، شريف كامل . الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات وانعكساتها على المكتبات : ردود فعل عالمية وغموض في الموقف العربي دراسة استكشافية لآراء المتخصصين العرب . وقائع المؤتمر العربي للإتحاد العربي للمكتبات والمعلومات : المكتبات العربية في مطلع الألفية الثالثة بنى وكفاءات متطورة ، الشارقة 5 – 8 نوفمبر 2001 . ص. 410 – 412 . 31- شاهين ، شريف كامل . المرجع السابق . ص.
الثلاثاء ديسمبر 10, 2019 9:59 am من طرف Admin
» المحاضرات لنظم الموارد البشرية
الأحد سبتمبر 04, 2016 12:38 pm من طرف سهام
» محاضرات التأمينات الاجتماعية للدكتور السنهوري
الإثنين يناير 27, 2014 2:10 pm من طرف shitarida
» أنواع نظم المعلومات
الثلاثاء مايو 14, 2013 11:53 am من طرف الاسيوطى
» الادارة المالية
الثلاثاء مايو 14, 2013 11:49 am من طرف الاسيوطى
» محاضرات مناهج بحث
الأحد أكتوبر 07, 2012 5:40 am من طرف Admin
» TOEFL BOOK
السبت فبراير 19, 2011 6:39 am من طرف kamal
» جمهورية برلمانية
الإثنين فبراير 14, 2011 10:39 am من طرف Mohammad Abouzied
» سؤال الى الدكتورة راوية حسن
الثلاثاء يناير 04, 2011 3:29 pm من طرف Mohammad Abouzied
» س و ج في نظم الموارد البشرية
الخميس يوليو 15, 2010 5:36 pm من طرف Sayyadah Abouzied
» المرجعة النهاية للاسترتيجية
الإثنين يوليو 05, 2010 4:38 pm من طرف Sayyadah Abouzied
» أجابات الاسئلة المهمة في مادة مراكز التقييم
الخميس يونيو 24, 2010 5:40 pm من طرف Sayyadah Abouzied
» امتحانات مواد التخلف هذا العام
الثلاثاء يونيو 22, 2010 5:05 am من طرف sayedw
» المحاضرة الاخيرة
الإثنين يونيو 07, 2010 3:43 pm من طرف Mohammad Abouzied
» جدول الامتحان دبلوم موارد بشرية الترم الثاني
الأحد يونيو 06, 2010 5:00 am من طرف Mohammad Abouzied
» المحاضرة الرابعة نظم معلومات ادارية
السبت مايو 29, 2010 4:22 am من طرف Mohammad Abouzied
» موارد بشرية تكميلي الدكتورة راوية
الثلاثاء مايو 25, 2010 4:57 pm من طرف Mohammad Abouzied
» المحاضرات والكتاب
الجمعة مايو 21, 2010 6:31 am من طرف Mohammad Abouzied
» المحاضرة الثالثة
الجمعة مايو 21, 2010 5:47 am من طرف Mohammad Abouzied
» المحاضرة الثانية
الجمعة مايو 14, 2010 6:24 am من طرف Mohammad Abouzied